الرئيسية / الفتاوى / الفتاوى الفقهية/إذا كان المحرم انصدم بصيد دون عمد وقتله ماذا عليه؟
إذا كان المحرم انصدم بصيد دون عمد وقتله ماذا عليه؟ 2024-06-10 20:39:55


السؤال:-

إذا كان المحرم انصدم بصيد دون عمد وقتله ماذا عليه؟

الجواب:-

محل نزع بين العلماء وأكثر العلماء أنَّ عليه الفدية فإنهم لا يفرقون بين مُتَعَمِّد وغير مُتَعَمِّد، هذا الذي عليه أكثر من مضى من أهل العلم، وهنالك من أهل العلم من لم ير عليه الفدية تمسكا بظاهر القرآن؛ لأنَّ الله عز وجل قال: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَقتُلُوا الصَّيدَ وَأَنتُم حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم *مُتَعَمِّدًا* ﴾ [المائدة: ٩٥] فقيد الله عز وجل الجزاء في حق المُتَعَمِّد، إلى هذا ذهب الإمام أحمد في رواية، ويحكى عن عبد الله ابن عباس وعن بعض التابعين، 

وجمهور العلماء يرون أنَّ هذا القَيد من القيود الأغلبية التي لا يُقَيد بها الحكم، كقيد الحِجْر ﴿وَرَبائِبُكُمُ اللّاتي في *حُجورِكُم* ﴾ [النساء: ٢٣] فإنَّه قيد لا يُقيد الحكم، فهكذا قالوا هذا القيد قيد أغلبي لا يقيد به الحكم، فإنَّ الصيد إذا ما أُتلف لا بد من ضمان، ويستوي في الضَّمان المُتَعَمِّد وغير المُتَعَمِّد، كالقتل يستوي فيه العمد والخطأ من حيث الدية إذا طولب بها، هذا ضمان لشيء أُتلف فيضمنه المُتَعَمِّد وغير المُتَعَمِّد، وإذا أَتلف الشَّخص متاعاً لإنسان ضَمنه، وهكذا الصَّيد يُضمن في حق المُتَعَمِّد وغير المُتَعَمِّد على قول هؤلاء، وهو قول أكثر العلماء، وقد ثبت عن ﻃﺎﺭﻕ ﺑﻦ ﺷﻬﺎﺏ ﻳﻘﻮﻝ: ﺧﺮﺟﻨﺎ ﺣﺠﺎﺟﺎ، ﻓﺄﻭﻃﺄ ﺭﺟﻞ ﻣﻨﺎ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺃﺭﺑﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺿﺒﺎ ﻓﺄﺗﻴﻨﺎ ﻧﺴﺄﻝ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎﺏ، ﻓﺴﺄﻟﻪ ﺃﺭﺑﺪ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﻋﻤﺮ: «اﺣﻜﻢ ﻓﻴﻪ»، ﻓﻘﺎﻝ: ﺃﻧﺖ ﺧﻴﺮ ﻣﻨﻲ، ﻭﺃﻋﻠﻢ ﻗﺎﻝ: «ﺇﻧﻤﺎ ﺃﻣﺮﺗﻚ ﺃﻥ ﺗﺤﻜﻢ» ﻗﺎﻝ: ﻗﻠﺖ: ﻓﻴﻪ ﺟﺪﻱ ﻗﺪ ﺟﻤﻊ اﻟﻤﺎء ﻭاﻟﺸﺠﺮ، ﻗﺎﻝ: «ﻓﻔﻴﻪ ﺫﻟﻚ» والظاهر في هذا أنه كان مخطئاً ولم يتعمد، لأنه وطئه في قدمه في أثناء سيره ولو كان متعمداً لكان فاسقاً قد وقع في كبيرة من كبائر الذنوب، فإنَّ تعمد قتل الصيد من الكبائر لما فيه من الوعيد الشديد ﴿ لِيَذوقَ وَبالَ أَمرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمّا سَلَفَ وَمَن عادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنهُ وَاللَّهُ عَزيزٌ ذُو انتِقامٍ﴾ [المائدة: ٩٥] والله سبحانه وتعالى اشترط في الحَكم ذوي عدل، وهذا فاسق أعني الذي يَتعدى ويَتعمد إهلاك الصيد، فظاهر القصة أنَّه لم يتعمد ذلك ومع هذا أوجب عليه عمر رضي الله عنه الجزاء، والمثل في ذلك هو الجدي وافقه عمر على هذا الحُكم قال: *«ﻓﻔﻴﻪ ﺫﻟﻚ»* ، وهذا مذهب أكثر من مضى من أهل العلم يرون أنَّ الجزاء يكون في حق المتعمد وغير المتعمد، لكن كما عرفنا هناك من أهل العلم من يرى أنَّ الجزاء يختص بالمتعمد؛ لظاهر القرآن، وهذا القيد الذي ذكره الله عز وجل من القيود المعتبرة، لأنَّ الله عز وجل علق عليه العقوبة فقال ﴿وَمَن عادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنهُ وَاللَّهُ عَزيزٌ ذُو انتِقامٍ﴾ [المائدة: ٩٥]. فهذه العقوبة يناسب فيها أن يكون الفعل من قبيل العَمد، فهذا القول أقوى من حيث الدليل، والقول الآخر أبرأ لمن أراد الاحتياط أبرأ لذمته إذا أراد الاحتياط، وهو الذي عليه أكثر العلماء يرون أن الفدية يستوي فيها المُتعمد وغير المُتعمد.


جميع الحقوق محفوظة لـ الموقع الرسمي للشيخ أبي بكر الحمادي