رجل طلب بضاعة من أحد البنوك التي تسمى إسلامية فقالوا في البنك : اذهب إلى التاجر واختر البضاعة واعمل عرض سعر ونحن نقوم بشرائها من التاجر... الخ؟ 2023-12-01 21:08:00
السؤال :
رجل طلب بضاعة من أحد البنوك التي تسمى إسلامية فقالوا في البنك : اذهب إلى التاجر واختر البضاعة واعمل عرض سعر ونحن نقوم بشرائها من التاجر و نقوم بإضافة نسبة نبيعها إلى أجل ونقوم بتقسيطها إلى أجل مدة سنة فهل هذا ربا أم لا ؟
الجواب :
هذا عين الربا ، هذا عين الربا وفيه احتيال للربا تحت مسمى البيع فمقصود البنك أنه يدفع مئة ألف مثلا ويأخذ مئة وعشرة ، هذا هو مقصوده لكنه احتال على العشرة تحت مسمى البيع وليس له غرض في تلك السلعة، وليس هو من تجار تلك السلعة، لكنَّه إذا أعطى المحتاج مئة ألف قرضاً وقال له رد مئة وعشرة فإن هذا من الربا الصريح، ففكر هذا المحتال كيف يحتال على هذه العشرة تحت مسمى الإسلام فاحتال عليها تحت مسمى البيع حتى يقول : قال الله عز وجل " وأحل الله البيع وحرم الربا " فأظهر الصورة بمظهر البيع وحقيقة ذلك القرض فإنه ليس هو من التجار، وما عنده تلك السلعة وإنما يحتال على تلك الزيادة تحت مسمى البيع، والاحتيال على الربا أشد من المجاهرة به، فكون الشخص يأتي المعصية من بابها أهون من أن يأتي المعصية من ورائها، هذا أشد ولهذا الله سبحانه وتعالى يقول : {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [الأعراف: 163] نهاهم الله سبحانه وتعالى أن يصطادوا في السبت ، فنصبوا الشباك في الجمعة فدخلت السبت الأسماك وقاموا بسحبها في يوم الأحد وقالوا : ما اصطدنا في يوم السبت فمسخهم الله عز وجل إلى القردة والخنازير وعاقبهم الله عز وجل عقوبة شديدة بسبب هذا الاحتيال مع أن هنالك من الناس من يعصي الله عز وجل في أشياء كثيرة وما مسخوا إلى القردة والخنازير، فهذا مما يدل على أن ذنب الاحتيال على الله عز وجل أشد من إتيان المعصية من بابها، فإن المحتال على رب العالمين سبحانه وتعالى كالمستهزئ والمستهتر بربه، وكأنه يرى أن الله عز وجل من الغافلين! ، وأنه لا يفهم ولا يفقه! ، تعالى الله عنه ذلك علوا كبيرا، قَالَ أَيُّوب السِّخْتِيَانِيّ " يُخَادِعُونَ اللَّه كَمَا يُخَادِعُونَ الصِّبْيَان، لَوْ أَتَوْا الْأَمْر عَلَى وَجْهه كَانَ أَسْهَل ".، كأنهم يعاملون صبي من الصبيان يحتالون على رب العالمين سبحانه وتعالى فحرم الله كذا وأرادوا أن يدخلوا إليه من باب آخر، ولو تعامل الناس بهذا الأمر في طبهم لهلكوا، فلو أن الطبيب جاء ونهى شخصاً مريضا عن طعام من الأطعمة وقال له هذا الطعام يضرك، لا تأكل كذا لا تأكل كذا وسماه له فأخذ ذلك الشيء الذي سماه وخلطه مع غيره وانتقل إلى اسم آخر وقام بتناوله! ماذا يكون المؤدى؟ المؤدى واحد والضرر هو ذاك الضرر، أكلت ذلك الشيء وهو ما زال تحت اسمه أو خلطته مع غيره وسمي بشيء آخر وأكلته فالمؤدى هو المؤدى والمفسدة هي المفسدة، فهكذا هم المحتالون على رب سبحانه وتعالى وعلى شريعته وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَاتَلَ اللهُ الْيَهُودَ، حُرِّمَ عَلَيْهِمُ الشَّحْمُ، فَبَاعُوهُ وَأَكَلُوا ثَمَنَهُ» أخرجه مسلم ، وفي رواية خارج الصحيح : أَجْمَلُوهُ ، فَبَاعُوهُ ، وَأَكَلُوا ثَمَنَهُ
فانظر كيف احتالوا هذا الاحتيال، نهاهم الله عز وجل عن الشحوم فلم يأكلوا الشحوم لأن الله نهاهم عن ذلك فذوبوا الشحم حتى صار زيتا ـ فخرج عن اسمه ـ ثم توسعوا في الاحتيال وأبعدوا في الحيلة وباعوا ذلك الزيت، فما أكلوه لكن باعوه وأكلوا الثمن فلعنوا بسبب هذا الأمر مع أنهم ابتعدوا في الحيلة يعني لو أذابوا الشحم وأكلوه زيتا لكانت الحيلة قريبة لكنهم أرادوا الابتعاد فباعوه وأكلوا الثمن ومع هذا لعنوا بهذا السبب ، فالاحتيال أمره خطير وأمره عظيم والواجب أن يتقي العبد ربه سبحانه وتعالى ولا يتعامل مع هؤلاء الذين يحتالون على المحرمات العظيمة تحت مسمى البيع والشراء وأحل الله البيع وحرم الربا، صحيح أحل الله البيع لكن ما جئتم به لا يدخل في مسمى البيع بل هو الربا بعينه لكن بدل أن تدخلوا من الباب دخلتم من الشباك هذا الفرق وإلا هو هو ذاك الربا بعينه.