القول الوجيز في بيان أن إلتماس العزة من الله العزيز 27 ربيع الأول 1447هـ 2025-09-19 18:17:44
خطبة جمعة بعنوان القول الوجيز في بيان أن إلتماس العزة من العزيز
لشيخنا المبارك أبي بكر الحمادي حفظه الله ورعاه
سجلت بتاريخ ٢٧ ربيع الأول ١٤٤٧ه
مسجد السنة خنوة إب اليمن حفظها الله وسائر بلاد المسلمين
إن الْحَمْدُ للهِ نَحْمَدُه ونستعينُه ، ونستغفرُه ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ، ومن سيئاتِ أعمالِنا ، مَن يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له ، ومَن يُضْلِلْ فلا هادِيَ له ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[ آل عمران : 102] .
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًاكَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}[ النساء : 1 ]
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}[الأحزاب : 70 ،71].
أما بعد : فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة.
يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم :{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29)}[التوبة:29].
فأمر الله سبحانه وتعالى في هذه الآية عباده المؤمنين أن يقاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله، وهكذا لا يدينون دين الحق، ودين الحق هو الذي أرسل الله سبحانه وتعالى به خاتم الأنبياء والمرسلين:{إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ}[آل عمران:19].
قال:{وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)}[آل عمران:85].
فدين الحق هو الذي أرسل الله عز وجل به رسوله عليه الصلاة والسلام،{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9)}[الصف:9].
فأهل الكتاب من اليهود ومن النصارى لا يدينون دين الحق، قال من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، فإن دفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون بهذين القيدين وبهذين الشرطين كفوا عن قتالهم، وإن لم يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون فالواجب على المسلمين أن يقاتلوا أعداءهم عند القدرة على ذلك، فقال : حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، عن يد أي عن قوة منكم معاشر المسلمين، عن قدرة وعن تمكن وعن قهر منك يا معاشر المسلمين، وهم صاغرون المراد بذلك أهل الكتاب أي حقراء ذليلون، فإن أعطوا الجزية لكن عن تعالي وترفع فإن دماءهم لا تعصم، لا تعصم وإن دفعوا الجزية لكن عن تعالي وعن ترفع، لا بد أن يدفعوا الجزية عن يد عن قوة وقهر من جهة المسلمين وهم صاغرون أي أهل الكتاب يدفعوا الجزية وهم أذلة وهم حقراء، ولهذا ذهب جماعة من أهل العلم أنهم يدفعون الجزية بأنفسهم ولا يوكلون غيرهم، يأتي الكتابي يأتي اليهودي أو النصراني إلى المسلمين ويدفع الجزية بنفسه لا يوكل غيره، قال بعض العلماء: ويدفع الجزية وهو قائم على قدميه ولا يأتي راكبا ويدفع الجزية وهو على مركوبه وإنما يدفع الجزية وهو ماشي على قدميه إلى أهلها ويقبض منهم المسلمون وهم على هذه الهيئة، لا علو ولا ترفع حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، هكذا يأمر الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين، وهذا لا يكون إلا إذا رجع الناس إلى دينهم، وتمسكوا بكتاب الله عز وجل، واستقاموا على دين الله، وأرادوا الله عز وجل والدار الآخرة، ولم يركنوا إلى الحياة الدنيا، أما والحال بخلاف ذلك فإن الله سبحانه وتعالى يذل أهل معصيته، يذل من عصاه، وربما يتسلط الكافر على المسلم بسبب ذنوبه ومعاصيه، قال سبحانه وتعالى:{وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (129)}[الأنعام:129]
يسلط الله سبحانه وتعالى عليك من هو ظالم بسبب كسبك أي بسبب ذنبك، بسبب معصيتك، بسبب بعدك عن ربك عز وجل، بسبب إقبالك على الدنيا ونسيانك للآخرة، وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون،{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا ۖ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ ۗ }[آل عمران:165].
والآية واردة في شأن أُحُد حين حصل لمسلمين ما حصل من البلاء من جهة كفار قريش فقتلوا منهم سبعين، فقال سبحانه وتعالى : قل هو من عند أنفسكم أي بسبب ذنوبكم ومعاصيكم، فإذا تمسك المسلمون بدينهم ظاهراً وباطناً أذل الله سبحانه وتعالى لهم الخلق، ومكنهم من رقاب أعدائهم، وإذا ما عصوا ربهم سبحانه وتعالى ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها أذلهم الله عز وجل، إن العزة لله من اعتز بالله عز وجل أعزه الله، ومن اببتغى العزة من غير ربه سبحانه وتعالى أذله الله، قال سبحانه وتعالى :{مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ۚ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ۚ}[فاطر:10].
فإن أردت العزة على أعدائك فالعزة إنما هي لله عز وجل، ولا تنال إلا بطاعة الله عز وجل، بالكلم الطيب والعمل الصالح الذي يرفع الكلم الطيب، إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه، قول وعمل، قول بلا عمل لا ينفع، ولا يرتفع ولا يصعد الكلم الطيب إلا بالعمل الصالح،{أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)}[الصف:2 ،3].
العزة لله، العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، قال المنافقون:{يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ۚ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (8)}].
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، وإنما تنال بطاعة الله عز وجل، لا تنال بمعصيته:{الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۚ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (139)}[النساء:139].
إذا أردت العزة من أعداء الله عز وجل فإنما تنال المذلة، تنال المذلة والهوان، فلا تنال العزة بموالاتك لأعداء الله عز وجل هذا شأن المنافقين الذين اتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا، العزة لله لا تنال إلا بطاعة الله عز وجل، من طلب العزة من أعداء الله عز وجل فإنما ينال الذل والهوان، من طلب العزة بالإشراك بالله والكفر به فإنما يطلب الذل والهوان والعياذ بالله :{ وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (81) كَلَّا ۚ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (82)}[مريم:81،82].
لا عزة لك بالإشراك بالله، لا عزة لك بالكفر بالله، لا عزة لك بمخالفة كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، العزة لله وإنما تنال بطاعة الله عز وجل، وبعبادة الله عز وجل، إن أردنا العزة فعلينا أن نرجع إلى كتاب الله وإلى سنة النبي عليه الصلاة والسلام، ونسقيم على دين الله، نسقهم على دين الله ظاهراً وباطناً، اتجه عمر بن خطاب رضي الله عنه إلى بلاد الشام بعد أن فتحها الله سبحانه وتعالى على المسلمين بسبب تمسكهم بدينهم، وأذل الله سبحانه وتعالى أهل الكتاب، اتجه إلى بلاد الشام فمر بمخاضة من ماء فخلع نعليه رضي الله عنه ووضعنا نعليه على عاتقه ونزل من على بعيره وجر بعيره بيده ومشي حافياً وهو يخط تلك المخاضة قال له أبو عبيدة: ما يسرني أن يلقاك القوم وأنت على هذه الهيئة، فقال: أوه أوه يا أبا عبيدة لو غيرك قالها لجعلتها نكالا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإذا ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله، أولئك قوم اعتزوا بدين الله عز وجل، ورفعهم الله سبحانه وتعالى، ودان لهم العرب والعجم، وأذل الله سبحانه وتعالى الكافرين بأيديهم، أذل الله سبحانه وتعالى اليهود، وأذل الله سبحانه وتعالى النصارى، أجلى عمر رضي الله عنه اليهود من جزيرة العرب، وصفى بلاد العرب من اليهود، وفتح بلاد الشام وكانت بلاد للنصارى وأذل الله سبحانه وتعالى اليهود والنصارى في زمن أولئك القوم الكرام في زمن الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، كانوا أذلاء وكتب لهم عمر رضي الله عنه تلك الشروط المعروفة المشهورة التي تلقاها العلماء بالقبول وهي التي تسمى بالشروط العمرية، الشروط العمرية على أهل الكتاب فيها العزة لأهل الإسلام، اشترط عليهم أن لا يبنوا كنيسة بعد أن يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون، اشترط عليهم أن لا يبنوا كنيسة في البلدان التي هم فيها وأن لا يجددوا كنيسة قد تغيرت وقد انهدمت لا يسعوا في تجديدها، وأن لا يظهروا صليباً، ولا يظهروا شرب الخمور في أوساط المسلمين، ولا يبيعون ويشترون الخمور في أوساط المسلمين، ولا يخرجون لأعيادهم، لا يُظهرون شعائر دينهم في أوساط المسلمين، ولا يضربون بالنواقيس يرفعونها في أسماع المسلمين، وإنما إن ضربوا ففي كنائسهم بضرب يسير خفي، ولا يظهروا ذلك ولا يعلنوه، ولا يتشبه بالمسلمين لا في شعورهم ولا في لباسهم ولا في ركوبهم، أمرهم أن يخالفوا لباس المسلمين في نعالهم، وفي لباسهم، وفي هيئة شعورهم، وفي مركوبهم حتى إذا ركبوا الحمر لا يركبوا كما يركب المسلمون عليها وإنما يدلوا أقدامهم من جهة واحدة ولا يجعلوا قدما في جهة وقدما في الجهة الأخرى حتى يمتازوا عن أهل الإسلام، وأن يربط الزنانير في أوساطهم حتى ينكشف أمرهم ولا يشتبه أمرهم بالمسلمين، وأن لا يأووا جاسوساً في أوساط المسلمين، ومن نزل عليهم من أهل الإسلام أضافوه من أوسط ما يجدون ثلاثة أيام، واشترط عليهم الشروط الكثيرة التي اشتهرت بالشروط العمرية أعز الله سبحانه وتعالى بها الدين وأذل الله سبحانه وتعالى بها الكافرين من اليهود ومن النصارى ومن غيرهم،
وأخذ بها أئمة الإسلام بعد ذلك، وأذل الله سبحانه وتعالى اليهود والنصارى، قال الله عز وجل : حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، هذا حال من مضى مع أعداء الله عز وجل، حال رسول الله عليه الصلاة والسلام وحال الصحابة رضي الله عنهم أجمعين حين اعتزوا بدين الله عز وجل تمكنوا من أعدائهم وأعزهم الله سبحانه وتعالى وأظهرهم على أعدائهم، وأذل الله سبحانه وتعالى اليهود والنصارى، وأذل جميع الكافرين، لكن بعد ذلك حين اتجه المسلمون إلى الدنيا وإلى شهواتها ورغبوا في الحياة الدنيا ونسوا الآخرة وألهاهم التكاثر،{أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4)}[التكاثر:1،4].
سلط الله سبحانه وتعالى عليهم الأعداء من كل مكان، وتمالأ عليهم الأعداء من كل مكان، قال عليه الصلاة والسلام في حديث ثوبان:"
يُوشِكُ الأممُ أن تداعَى عليكم كما تداعَى الأكَلةُ إلى قصعتِها . فقال قائلٌ : ومن قلَّةٍ نحن يومئذٍ ؟ قال : بل أنتم يومئذٍ كثيرٌ ، ولكنَّكم غُثاءٌ كغُثاءِ السَّيلِ ، ولينزِعنَّ اللهُ من صدورِ عدوِّكم المهابةَ منكم ، وليقذِفَنَّ اللهُ في قلوبِكم الوهْنَ . فقال قائلٌ : يا رسولَ اللهِ ! وما الوهْنُ ؟ قال : حُبُّ الدُّنيا وكراهيةُ الموتِ.
هذا هو واقعنا إلا من رحم الله عز وجل، أحببنا الدنيا وملذاتها وشهواتها، وابتعدنا عن دين الله عز وجل فتسلط علينا الأعداء من كل مكان، إن أردنا أن ينجينا الله سبحانه وتعالى مما نزل بنا، وأن يكشف الله سبحانه وتعالى ما نزل بنا من الشر والمكروه من جهة أعدائنا لا مخرج لنا إلا بالرجوع إليه سبحانه وتعالى وأن نعتز به، قل لله العزة جميعا، نعتز به، نتمسك بدينه، نعتصم بكتاب الله عز وجل كما أمرنا الله :{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}[آل عمران:103]
إن كنا كذلك مكننا الله سبحانه وتعالى على أعدائنا وجعل لنا العزة والظهور، وإلا فإنما نجني على أنفسنا،
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا وأن يرحمنا إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية:
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم،
( من كان يريد العزة فلله العزة جميعا،)
ليست لأحد إنما هي لله وحده لا شريك له، فعلينا أن نعتز به ولا نعتز بغيره، نعتز به فالعزة له وحده لا شريك له، عند النسائي من حديث عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:" يجيء يوم القيامة الرجل آخذ بيدي الرجل ويقول يا رب هذا قتلني يا رب هذا قتلني، فيقول الله عز وجل: لما قتلته؟ فيقول لتكون العزة لفلان، فيقول الله عز وجل : فإنها ليست لفلان العزة لله، فإنها ليست لفلان فيبوأ بإثمه، لا عز إلا لله عز وجل هو العزيز هو القوي العزيز، من أسمائه العزيز، هو القاهر الغلاب وحده لا شريك له، وهو القاهر فوق عباده، إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون،{إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (13)}[البروج:12،13].
فالعزة لله عز وجل، فعلينا أن نعتز بالله عز وجل فإن اعتززنا بالله عز وجل مكننا الله سبحانه وتعالى على أعدائنا، :{وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (139)}[آل عمران:139].
بهذا الشرط الذي اشترطه الله سبحانه وتعالى علينا، إن كنا من أهل الإيمان أعلانا الله عز وجل على أعدائنا، إن المسلمين في هذه الأيام ولا سيما في بلاد غزة كم من شدائد نازلة بهم، وكم من أمور عظيمة حلت بهم من دمار، ومن حصار، ومن إبادة، وغير ذلك من المآسي العظيمة الشديدة التي يتقطر لها قلب المسلم الذي يؤمن بالله واليوم الآخر، لكن هو الضعف والوهن الذي حلّ بالمسلمين بسبب بعدهم عن دين الله عز وجل، بسبب بعدهم عن دين الله عز وجل أصابهم الوهن والعياذ بالله، خافوا من أعدائهم وهم أذلة حقراء لو رجع المسلمون إلى دينهم واتجهوا إلى أعدائهم فإنهم في غاية الحقارة والمذلة إنما قووا علينا بسبب ضعفنا، بسبب حبنا للدنيا وشهواتها وملذاتها، وإلا إذا تقوينا بالله عز وجل فإنهم حقراء أذلاء، قال سبحانه وتعالى:{لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ ۚ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ}[الحشر:14].
هم في غاية الوهن والاختلاف، وفي غاية الخوف والوجل، وما تمكنوا من أهل الإسلام إلا بسبب بعدهم عن دين الله عز وجل، بسبب معاصيهم وذنوبهم،:{وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (129)}[الأنعام:129].
فلنرجع إلى الله سبحانه وتعالى إن أردنا النصر على أعدائنا، نرجع إلى كتاب الله وإلى سنة نبيه عليه الصلاة والسلام، نتمسك بدين الله ظاهراً وباطناً يعزنا الله سبحانه وتعالى في الدنيا والآخرة، وإن جندنا لهم الغالبون كما أخبرنا بذلك ربنا سبحانه وتعالى.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ذنوبنا وأن يرحمنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم، اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها دقها وجلها وأولها وآخرها وعلانيتها وسرها، اللهم الطف بعبادك المستضعفين في بلاد غزة، اللهم الطف بهم، اللهم الطف بهم، اللهم عافهم، اللهم عافهم، اللهم احفظهم بحفظك، اللهم احفظهم بحفظك وانصرهم بنصره، انك أنت القوي العزيز، اللهم إنك أنت القوي العزيز اللهم أعزهم ولا تذلهم، اللهم عليك بأعدائهم من اليهود والنصارى وسائر الكافرين والمشركين، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم دمرهم شر تدمير، اللهم دمرهم شر تدمير، اللهم دمرهم شر تدمير، الله إنا ندرأ بك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم، اللهم إنك عليهم قادر، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك إنك على كل شيء قدير، اللهم اغفر لنا وارحمنا واهدنا واهد بنا واجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، والحمد لله رب العالمين
فرغها أبو عبد الله زياد المليكي حفظه الله