الرئيسية / الخطب والمحاضرات/ الخطب /دواء الداء في البراءة من الأعداء 6 ربيع الأول 1447هـ
دواء الداء في البراءة من الأعداء 6 ربيع الأول 1447هـ 2025-08-30 14:26:16


خطبة جمعة بعنوان دواء الداء في البراءة من الأعداء 

لشيخنا المبارك أبي بكر الحمادي حفظه الله ورعاه 

سجلت بتاريخ ٦ ربيع الأول ١٤٤٧ه‍

مسجد الفاروق إب اليمن حفظها الله وسائر بلاد المسلمين 


إن الْحَمْدُ للهِ نَحْمَدُه ونستعينُه ، ونستغفرُه ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ، ومن سيئاتِ أعمالِنا ، مَن يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له ، ومَن يُضْلِلْ فلا هادِيَ له ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه .


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[ آل عمران : 102] .


{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًاكَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}[ النساء : 1 ]


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}[الأحزاب : 70 ،71].


أما بعد :  فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة.


يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم :{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ (4) وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)}[الكافرون:1،6].

هذه السورة العظيمة سورة البراءة من الكافرين، والبراءة من المشركين، أمر الله سبحانه وتعالى فيها نبيه عليه الصلاة والسلام أن يتبرأ مما يعبد الكافرون، وأن يتبرأ مما يشرك به المشركون، لكم دينكم ولي دين، وهذه براءة واجبة يجب على كل مسلم أن يتبرأ من الكافرين، فإن البراءة من أهل الكفر هي من مضمون معنى لا إله إلا الله، فمعنى لا إله إلا الله أي لا معبود بحق إلا الله، ففيها الإيمان بالله وفيها الكفر بالطاغوت،{فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ}[البقرة:256].

فلا إله إلا الله فيها البراءة من شرك المشركين، فيها البراءة من كفر الكافرين، فيها تحقيق توحيد رب العالمين سبحانه وتعالى، لكم دينكم ولي دين، قال الله سبحانه وتعالى:{ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ۙ وَرَسُولُهُ ۚ } فالله عز وجل تبرأ من أهل الشرك،{بَرَاءَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ (1) فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ ۙ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (2) وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ۙ وَرَسُولُهُ ۚ }[التوبة:1،3].

هذه براءة واجبة أوجبها رب العالمين سبحانه وتعالى، تتبرأ من المشركين، وتتبرأ من أهل الشرك، وهكذا يقول سبحانه وتعالى :{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}[الممتحنة:4].

هكذا تبرأ الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام ومن معه من المؤمنين تبرأوا من المشركين ومن الشرك، إنا براء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده، فالبراءة من الكافرين والبراءة من الكفر من الواجبات العظيمة، لا يستقيم دين المسلم إلا بذلك فإن هذا هو حقيقة التوحيد، وهو الدين الذي شرعه لعباده، وقد أرسل الله سبحانه وتعالى جميع الرسل بهذا الأمر العظيم:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)}[الأنبياء:25].

والبراءة من أهل الكفر ومن أهل الشرك تكون بالقول والعمل، بالقول أن تواجه الكافرين بالبراءة منهم، ومعنى البراءة التنزه والخلوص، أي تنزه نفسك منهم، وتنزه نفسك من شركهم، وتنزه نفسك من كفرهم فتكون البراءة بالقول والعمل، أما بالقول بأن تخاطبهم بما بينه رب العالمين سبحانه وتعالى، لكم دينكم ولي دين، إن قلت ذلك فقد برئت بالقول من الكفر ومن الكافرين لكم دينكم ولي دين بهذا أمر الله سبحانه وتعالى نبيه عليه الصلاة والسلام أن يواجه الكافرين بالبراءة بالقول وأن يخاطبهم بهذا القول ويقول لهم لكم دينكم ولي دين، وهكذا ذكر الله عز وجل فيما تلوناه عن الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام ومن معه المؤمنين أنهم خاطبوا قومهم فقالوا إنا براء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده، فهكذا تتبرأ من الكافرين بالقول ولنا أسوة كما أخبرنا ربنا سبحانه وتعالى بالخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام ومن معه من المؤمنين، أنهم تبرأوا من الكافرين ومن الكفر بهذه البراءة وخاطبوا الكافرين وقالوا إنا براء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده، وهكذا قال سبحانه وتعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام:{أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَىٰ ۚ قُل لَّا أَشْهَدُ ۚ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (19)}[الأنعام:19].

أي خاطبهم بذلك وقل لهم لا أشهد بما تشهدون به من الباطل وأنا بريء مما تشركون،{وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ ۖ أَنتُم بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ (41) }[يونس:41]. أي واجههم بذلك وخاطبهم بذلك وقل لهم هذا الذي أمرك الله به، فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون .


وقال عن نبيه نوح عليه الصلاة والسلام:{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرِمُونَ (35)}[هود:35]. أي خاطبهم بذلك وتبرأ بذلك و واجههم بذلك وقل لهم ما أمرك الله به.


وقال عن نبيه هود عليه الصلاة والسلام أنه قال لقومه:{إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِن دُونِهِ ۖ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنظِرُونِ (55)}[هود:54،55].

فتبرأ منهم وتبرأ مما يشركون من دونه وخاطبهم بهذا القول، وقال إني بريء منكم ومما تشركون من دونه، فهكذا يتبرأ العبد من أعداء الله عز وجل، يتبرأ من الكافرين، ويتبرأ من المشركين، ويتبرأ من الملحدين، يتبرأ من ذلك والبراءة منهم من الواجبات العظيمة بل لا يستقيم الدين إلا بذلك، لا يستقيم الدين إلا بالبراءة من الكفر ومن أهله، {فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا} والبراءة من أعداء الله عز وجل من اليهود ومن النصارى ومن المشركين ومن الكافرين تكون بالقول والعمل، لا تكون بمجرد القول من غير عمل فإن الله سبحانه وتعالى يقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)}[الصف:2،3].

براءة بالقول وبراءة بالفعل، براءة بالفعل لا تشارك المشركين في شركهم والكافرين في كفرهم، وغير ذلك مما يأتي بيانه وإيضاحه، فمن البراءة من الكافرين أن الإنسان يبتعد عنهم لا يتخذ له جليسا منهم، لا يبقَ في أوطانهم، لا يبقَ في بلدانهم في بلاد الكفر والشرك ويهاجر إلى بلدان المسلمين إلى بلاد التوحيد إلى بلدان التوحيد إلى بلدان الإسلام فإن هذا من البراءة من الكافرين بالفعل، وربنا سبحانه وتعالى يقول:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97)إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98) فَأُولَٰئِكَ عَسَى اللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (99)}[النساء:97،99].

  فأوجب الله سبحانه وتعالى على المسلمين أن يهاجروا من بلدان الكافرين، وعذر الله سبحانه وتعالى المستضعفين من الرجال ومن النساء ومن الولدان الذين لا حيلة لهم ولا قدرة لهم أن يفارقوا بلدان الكافرين وأن يهاجروا من بلدان الكافرين، وبين سبحانه وتعالى أن من بقى في ديارهم وشاركهم في شيء من باطلهم ومات على ذلك فإنه من الظالمين ممن ظلم نفسه والعياذ بالله، فهذا من البراءة من الكافرين بالفعل، تتبرأ بأن تعتزل الكافرين وتبتعد عنهم وعن بلدانهم فهذه براءة فعلية.


أسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ذنوبنا وأن يرحمنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم .



الخطبة الثانية:


الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعود بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، أما بعد معاشر المسلمين : اعلموا أن من جملة البراءة من المشركين ومن الكافرين البراءة الفعلية أن لا تتشبه بهم، لا تتشبه بأعداء الله عز وجل من الكافرين ومن المشركين، وقد جاء في المسند وعند أبي داود من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال :" ومن تشبه بقوم فهو منهم.

ولقد طبق النبي عليه الصلاة والسلام هذه البراء الفعلية تطبيقاً عظيماً في واقعه، فكان عليه الصلاة والسلام يخالف اليهود والنصارى في كل شيء من أمورهم حتى قالت اليهود كما جاء في مسلم حديث أنس:" ما لهذا الرجل ما من أمر من أمورنا إلا وخالفنا فيه، فهكذا كان هديه عليه الصلاة والسلام{ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18)}[الجاثية:18]. فكان هكذا نبينا عليه الصلاة والسلام يتبرأ منهم بالفعل ويسعى في مخالفتهم في الصيام قال عليه الصلاة والسلام:" فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر.

وقال : لا يزال الدين ظاهراً ما عجل الناس الفطر فإن اليهود والنصار يؤخرون.

وقال: اللحد لنا والشق لغيرنا أو قال لأهل الكتاب .

أراد أن يخالفهم في كل أمورهم عليه الصلاة والسلام، وفي الحج كان كفار قريش كانوا يقفون عند المزدلفة ولا ينطلقون إلى عرفة فخالفهم النبي عليه الصلاة والسلام وانطلق إلى عرفة وبيّن أن الوقوف في عرفة هو ركن الحج الأعظم فقال : الحج عرفة.

وهكذا لما انطلق من عرفة إلى مزدلفة وأراد أن ينطلق إلى منى فكان الكفار كفار قريش ينتظرون شروق الشمس ثم يدفعون بعد الشروق فخالفهم النبي عليه الصلاة والسلام فدفع من مزدلفة إلى منى قبل شروق الشمس، خالفهم في جميع أمورهم وفي جميع شؤونهم وهذا معلوم من هديه عليه الصلاة والسلام، تبرأ من الكافرين التبرأ الفعلي، لا تتشبه بهم قال سبحانه وتعالى عن اليهود والنصارى:{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31)}[التوبة:31].

فلا تتخذ لك ربا من دون الله عز وجل، لا تتخذ مطاعا غير الله عز وجل، وغير رسوله عليه الصلاة والسلام تطيعه في كل شيء فإن هذا من أمر اليهود والنصارى اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله،{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64)}[آل عمران:64].

لا تجعل لك شخصاً تطيعه طاعة مطلقة غير الله عز وجل وغير رسوله عليه الصلاة والسلام فإن خلاف ذلك من أمر اليهود والنصارى، لا تشرك بالله فإن هذا من أمر اليهود والنصارى اعبد الله مخلصا له الدين، لا تدعو غير الله، ولا تذبح لغير الله، ولا تنذر لغير الله، اخلص عبادتك لله:{قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ (11) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12) قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (13) قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي (14) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ}[الزمر:11،14].

وحد الله عز وجل خالف بذلك اليهود والنصارى والمشركين تبرأ منهم التبرء العملي ، كن موحدا لله عز وجل بعيدا عن الشرك، قال سبحانه وتعالى عن الكافرين والمشركين :{مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَىٰ أَنفُسِهِم بِالْكُفْرِ ۚ أُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (17)إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ۖ فَعَسَىٰ أُولَٰئِكَ أَن يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (18)}[التوبة:17،18].

المشركون لا يعمرون مساجد الله أي لا يحيونها بطاعة الله عز وجل، لا يحيونها بالصلوات، لا يحيونها بقراءة القرآن لأنهم من أهل الشرك والكفر، لا تكون كذلك أحيي بيوت الله عز وجل أدي الفرائض في بيوت الله، وحافظ على الصلوات في بيوت الله حيث ينادى بها، كن من عمار المساجد، خالف وتبرأ من المشركين التبرأ الفعلي، لا تظلم أحدا من الخلق ولا تصد عن سبيل الله ولا تأكل أموال الناس بالباطل فإن هذا من شأن اليهود والنصارى، قال سبحانه وتعالى:{إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۗ}[التوبة:34]. أفسدوا دين الناس ودنياهم، صدوا عن سبيل الله، وأكلوا أموالهم بالباطل،{وَتَرَىٰ كَثِيرًا مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (62) لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (63)[المائدة:62،63]


قال:{فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (160) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ}[النساء:160،161].

لا تكن كذلك تبرأ من الكافرين بالفعل، يا أيها الذين آمنوا لما تقولون ما لا تفعلون :{وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا ۛ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ}[المائدة:41].

لا تكن سماعا للكذب ولأهل الكذب استمع للصدق وكن مع الصادقين، قال سبحانه وتعالى :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)}[التوبة:119].

فاليهود سماعون للكذب لا تكن كذلك، انظر إلى ما ذكره الله عز وجل عن اليهود والنصارى وعن الكافرين وتبرأ من ذلك التبرأ القولي والتبرأ الفعلي بهذا تنجو، وقد أمرنا ربنا سبحانه وتعالى أن ندعوه أن ينجينا سبيل المغضوب عليهم والضالين فيقول المصلي في كل ركعة من ركعات صلاته من فرض ونفل :{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)}[الفاتحة:6،7].

المغضوب عليهم هم اليهود، والضالون هم النصارى، براءة بالقول والفعل بهذا يحقق العبد الإيمان الصادق، ويكون صادقاً فيما يقول ويكون مؤمناً حقا طائعا لرب العالمين سبحانه وتعالى.


أسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ذنوبنا أجمعين وأن يرحمنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم، اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها دقها وجلها وأولها وآخرها وعلانيتها وسرها، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل، اللهم انصر عبادك المستضعفين في بلاد فلسطين في بلاد غزة اللهم كن لهم ناصرا ومعينا، اللهم أيدهم بتأييدك، اللهم أيدهم بتأييدك، اللهم كن لهم ولا تكن عليهم، اللهم كن لهم ولا تكن عليهم، اللهم امكر لهم ولا تمكر بهم، اللهم عليك بأعداء الدين من اليهود والنصارى وسائر الكافرين والمشركين، اللهم إنا ندرأ بك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم، اللهم إنا ندرأ بك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم، اللهم دمرهم شر تدمير فأنت على كل شيء قدير، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، والحمد لله رب العالمين.


فرغها أبو عبد الله زياد المليكي حفظه الله


جميع الحقوق محفوظة لـ الموقع الرسمي للشيخ أبي بكر الحمادي