اليقطين في التألم على أحوال المسلمين في غزة من بلاد فلسطين 30 محرم 1447هـ 2025-07-26 15:57:28
خطبة جمعة بعنوان اليقطين في التألم على أحوال المسلمين في غزة من بلاد فلسطين
لشيخنا المبارك أبي بكر الحمادي حفظه الله ورعاه
سجلت بتاريخ ٣٠ محرم ١٤٤٧ه
مسجد النور الزرعان إب اليمن حفظها الله وسائر بلاد المسلمين
إن الْحَمْدُ للهِ نَحْمَدُه ونستعينُه ، ونستغفرُه ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ، ومن سيئاتِ أعمالِنا ، مَن يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له ، ومَن يُضْلِلْ فلا هادِيَ له ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[ آل عمران : 102] .
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًاكَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}[ النساء : 1 ]
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}[الأحزاب : 70 ،71].
أما بعد : فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة.
يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم :{وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1)
وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3) قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4)}[البروج:1،4].
أقسم ربنا سبحانه وتعالى بالسماء ذات البروج وهي النجوم التي هي منازل الشمس والقمر، في كل برج نجم من النجوم ينزل فيه القمر في كل ليلة، وهكذا للشمس بروج تنزلها، فأقسم الله سبحانه وتعالى بالسماء ذات البروج، وأقسم سبحانه وتعالى باليوم الموعود وهو يوم القيامة الذي وعد الله سبحانه وتعالى به الخلائق يوم الحساب ويوم الجزاء يوم لا بد منه، يوم يقوم الناس لرب العالمين، يقضي الله عز وجل بين العباد بالعدل ويجزي كل عامل ما قد عمل، والسماء ذات البروج واليوم الموعود وشاهد ومشهود، قيل المراد بذلك يوم الجمعة ويوم عرفة، وقيل ما هو أوسع من ذلك فكل شاهد وكل مشهود أقسم الله سبحانه وتعالى به، فالله سبحانه وتعالى شهيد على العباد وكفى بالله شهيدا، ونبينا عليه الصلاة والسلام أيضا يشهد على هذه الأمة :{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45)}[الأحزاب:45].
وهكذا تشهد الملائكة على بني آدم،{مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)}[ق:18].
وتشهد الأرض أيضا على ابن أدم وما عمل فيها:{إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا (5)}[الزلزلة:1،5].
ويشهد الإنسان على نفسه تشهد عليه جوارحه، فالله عز وجل أقسم بالشاهد وأقسم بالمشهود، والسماء ذات البروج واليوم المولود وشاهد ومشهود قتل أصحاب الأخدود، قتل أصحاب الأخدود أي لعن، لعن أصحاب الأخدود، قتل الإنسان ما أكفره أي لعن الإنسان ما أكفره، قتل أصحاب الأخدود وأصحاب الأخدود قوم من الكافرين الذين حفروا الأخاديد لأهل الإسلام، وأوقدوا النيران العظيمة في تلك الأخاديد ثم رموا بأهل الإسلام فيها من غير رحمة ولا شفقة وهم يشاهدون ذلك، قتل أصحاب الأخدود النار ذات الوقود إذ هم عليها قعود وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود، لا رحمة في قلوبهم، ولا شفقة على أهل الإسلام ، حفروا تلك الأخاديد العظيمة وجعلوا فيها الوقود وأشعلوا النيران العظيمة، وهم قعود على تلك النار أي على حافة تلك النار أي على حافة تلك الحفرة قعود يشاهدون، يشاهدون المسلمين وهم يحترقون في تلك النار ويتلذذون بذلك ولا يجدون حرقة في قلوبهم ولا ألما مما يحصل لأهل الإسلام، إذ هم عليها قعود وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود أي حاضرين غير غائبين يشاهدون ذلك، ويطلعون على ذلك، ويفرحون ويسرون بتعذيب أهل الإسلام :{إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8)}
فنقموا على المسلمين ما لا نقمة فيه، نقموا على المسلمين أمرا هو من الكرامة من الكرامة لأهل الإسلام أنهم آمنوا بربهم سبحانه وتعالى، بالله عز وجل العزيز القوي الغلاب القهار الذي لا يغلبه شيء، الحميد الموصوف بصفات الكمال المتسمى بالأسماء الحسنى والموصوف بصفات الكمال التي يحمد عليها عز وجل،{وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (9) إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10)} توعدهم الله سبحانه وتعالى بالعذاب الأليم، فالله عز وجل مطلع على الكافرين مطلع على الظالمين يعلم ما يفعلون ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء وهو على كل شيء قدير، يبتلي رب العالمين سبحانه وتعالى عباده بأعدائهم ويكرم الله سبحانه وتعالى المؤمنين ويحق غضبه ونقمته على الكافرين ومرجعهم إلى رب العالمين سبحانه وتعالى وسوف يجازيهم على سوء أعمالهم، فالله شهيد عليهم مطلع لا يخفى عليه شيء{وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ ۗ }[محمد:4].
يبتلي الله عز وجل العباد بعضهم ببعض وإلا الله سبحانه وتعالى على كل شيء قدير، ولو شاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلوا بعضكم ببعض، فأولئك الكفار فعلوا هذا الأمر العظيم بأهل الإسلام وشاهدوا المسلمين في النار والنار تحترق بهم وهم قعود على حافة تلك الحفر يتلذَّذون بعذاب المسلمين وهم شهود حاضرين لا يغيب عليهم ما فعلوه وما يفعلون بأهل الإسلام، فتوعدهم الله سبحانه وتعالى بالوعيد الشديد، فالله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء،{وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42)مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ ۖ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43) وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ ۗ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ (44) وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ (45)}[إبراهيم:42،45].
ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون، الله عز وجل غير غافل عن ظلم الظالمين وعن إجرام المجرمين وعن بغي الباغين، لكن سبحانه وتعالى صبور، صبور على خلقه يمهل الظالم فإذا أخذه أخذه أخذ عزيز مقتدر، قال سبحانه وتعالى:{وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ ۚ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102)}[هود:102].
الله صبور على عباده فإذا انتقم من الظالمين انتقم منهم انتقاماً عظيما، كم بغى قوم نوح على نوح عليه الصلاة والسلام {قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ (116)}[الشعراء:116].
فآذوه أذية شديدة وصبر عليهم ألف سنة إلا خمسين عاما، مدة طويلة وهو يدعوهم في الليل والنهار في السر والإعلان:{قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (6) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (7) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (9) فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10)يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا (12) مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13)}[نوح:5،13].
صبر على أذاهم وعلى دعوتهم تلك القرون المتطاولة فلما أرادوا به أرادوا أن يرجموه دعا ربه سبحانه وتعالى:{فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ (10) فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ (14)}[القمر:10،14].
فأنجاه الله سبحانه وتعالى ودمر الكافرين، وأغرق الله سبحانه وتعالى الأرض بمن عليها، وأنجى الله سبحانه وتعالى المؤمنين بعد كم؟ بعد ألف سنة إلا خمسين عاما، فالله سبحانه وتعالى صبور على عباده لكن إن أخذ الظالمين أخذهم أخذ عزيز مقتدر، ولا يخفى عليه شيء من أعمالهم وسوف يجازي كل ظالم على ظلمه إن لم يتب إلى ربي سبحانه وتعالى ويرجع إليه.
فرعون كم آذى بني إسرائيل قتل أبناءهم واستحيا نساءهم مكث على ذلك السنين المتطاولة الكثيرة وهو في إجرام عظيم في بني إسرائيل في أولاد الأنبياء والمرسلين، كانوا خير الناس في ذلك الزمن، وإن كانوا في هذا الزمن هم شر الناس، لكن في ذاك الزمن كانوا خير الناس فآذاهم فرعون أذية شديدة قتل أبناءهم واستحيا نساءهم بعد ذلك أهلك الله سبحانه وتعالى فرعون ومن معه وأنجى الله سبحانه وتعالى المؤمنين، ولكنكم قوم تستعجلون كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام، ولكنكم قوم تستعجلون، فالله سبحانه وتعالى للكافرين وللظالمين بالمرصاد، وما يقوم به اليهود في هذه الأيام من البغي العظيم على قليل من أهل الإيمان على أناس مستضعفين من أهل الإيمان من أهل الإسلام في بلاد غزة هو من هذا القبيل، سنة من سنن الكافرين التي ذكرها الله سبحانه وتعالى وقص لنا تلك القصص لنعتبر، كم أهلك الله سبحانه وتعالى من أمم،{فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40)}[العنكبوت:40].
فأهلكهم الله سبحانه وتعالى بذنوبهم ، أهلك الله سبحانه وتعالى عاد، وأهلك الله سبحانه وتعالى ثمود، وأهلك الله سبحانه وتعالى فرعون، وأهلك الله سبحانه وتعالى أمما كثيرة ظالمة باغية كافرة وكان الله سبحانه وتعالى لهم بالمرصاد، فصب عليهم ربك سوط عذاب، فأنزل الله سبحانه وتعالى عليهم العذاب الأليم وكان سبحانه وتعالى لهم بالمرصاد، فهؤلاء الذين بغوا على أهل الإسلام في بلاد غزة من اليهود الظالمين المجرمين الذين ليس في قلوبهم شيء من الرحمة، من الرحمة بأناس ضعفاء، لم يكتفوا بإنزال العذاب عليهم بالرمي والقصف عليهم حتى منعوهم من الطعام والشراب، ليس في قلوبهم شيء من الرحمة، نبينا عليه الصلاة والسلام يقول كما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة ومن حديث ابن عمر قال: دخلت امرأة النار في هرة حبستها لا هي أطعمتها إذ هي حبستها ولا جعلتها تأكل من خشاش الأرض، لما ظلمت هرة ظلمت حيوانا بالحبس منعته من طعامه ومن شرابه كانت من أهل النار والعياذ بالله، حبستها لا هي أطعمتها إذ هي حبستها ولا جعلتها تأكل من خشاش الأرض أي تأكل من حشرات الأرض فحبستها حتى ماتت فكانت من أهل النار، فكيف الذي يمنع أهل الإسلام من طعامهم ومن شرابهم ويسعى في ظلمهم وفي حصارهم فإن هذا من الظلم العظيم ومن الإجرام الكبير والعباد صائرون إلى ربهم سبحانه وتعالى، الظالم المظلوم كم يعيش الظالم لن يخلد في الأرض مآله إلى الموت اليوم أو غدا وسوف يجازي الله سبحانه وتعالى كل ظالم بظلمه، وسوف يكرم الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين، من مات بأيدي الكافرين فهي نعمة من الله عز وجل وشهادة، نعمة وشهادة ومكرمة يكرم الله سبحانه وتعالى بها من شاء من أهل الإسلام ومآل العبد للموت، إما أن يموت على فراشه وإما أن يموت بأيدي عدوه، فمن مات بأيدي عدوه كتب الله سبحانه وتعالى الشهادة بفضله وكرمه وجوده ولن يخلد أحد في الأرض، لن يخلد أحد في الأرض الكل صائرون وراجعون إلى ربهم سبحانه وتعالى وهو الحكم العدل الذي يجازي العباد على أعمالهم.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر وأن يرحمنا إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضل فلا هادي له،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد : جاء في الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال:" المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، وفي الصحيحين من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :" مثل المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، هذا الواجب على أهل الإسلام أن يكونوا كالجسد الواحد يتألم بعضهم على بعض وينصر بعضهم على بعض، ولا يجوز للمسلم أن يسلم أخاه المسلم لعدوه لا يجوز ذلك، في الصحيحين من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، لا يظلمه لا يسعى في ظلمه ولا يقوم بتسليمه إلى عدوه، لا يظلمه ولا يسلمه فكيف نسلم إخواننا في بلاد غزة لأعدائهم من الكافرين؟ أين التراحم وأين التعاطف وأين التناصر؟ لو اجتمع المسلمون وكانوا أمة واحدة وكانوا يدا واحدة على أعدائهم لتمكنوا منهم ولكانت لهم الغلبة على أعدائهم، لكن تفرقوا وكل يقول نفسي نفسي فلهذا حصل الشر وتمكن أعداء الإسلام من أهل الإسلام، والله يقول:{وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ} أي قوتكم بسبب التنازع والاختلاف والتفرق، لو كنا جسداً واحداً كما أمرنا بذلك ربنا وأمرنا بذلك نبينا عليه الصلاة والسلام لما تمكن منا أعداءنا، لكن تفرقنا واختلفنا وكل ينظر إلى مصلحته ولا يبالي بأخيه فلهذا ابتلينا بأعدائنا، وهكذا اتجهنا إلى الدنيا وإلى شهواتها وإلى ملذاتها فتسلط علينا الأعداء، في المسند من حديث ثوبان رضي الله عنه، عن النبي عليه الصلاة والسلام قل:"
يُوشِكُ الأممُ أن تداعَى عليكم كما تداعَى الأكَلةُ إلى قصعتِها . فقال قائلٌ : ومن قلَّةٍ نحن يومئذٍ ؟ قال : بل أنتم يومئذٍ كثيرٌ ، ولكنَّكم غُثاءٌ كغُثاءِ السَّيلِ ، ولينزِعنَّ اللهُ من صدورِ عدوِّكم المهابةَ منكم ، وليقذِفَنَّ اللهُ في قلوبِكم الوهْنَ . فقال قائلٌ : يا رسولَ اللهِ ! وما الوهْنُ ؟ قال : حُبُّ الدُّنيا وكراهيةُ الموتِ.
وهذا هو واقعنا إلا من رحم الله سبحانه وتعالى.
أسأل الله عز وجل أن يغفر لنا ذنوبنا أجمعين، وأن يرحمنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يدمر على اليهود، وأن يزلزل الأرض من تحت أقدامهم، وأن يرينا فيهم عجائب قدرته إنه على كل شيء قدير، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك إنك على كل شيء قدير، اللهم خذهم أخذ عزيز منتقم وأنت عليهم قادر، اللهم خذهم أخذ عزيز منتقم وأنت عليهم قادر، اللهم دمرهم كما دمرت من مضى من الأمم الكافرة، اللهم كن لهم بالمرصاد، اللهم صب عليهم سوط عذاب إنك على كل شيء قدير، اللهم احفظ إخواننا المستضعفين في بلاد غزة، اللهم كن لهم ناصرا ومعينا ومؤيدا ونصيرا، اللهم احفظهم بحفظك، اللهم احفظهم بحفظك، اللهم احفظهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ومن فوقهم ونعوذ بعظمتك أن يغتالوا من تحتهم، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، والحمد لله رب العالمين.
فرغها أبو عبد الله زياد المليكي حفظه الله