الأمر الجلل في الفرار من الله إليه عز وجل 16 محرم 1447هـ 2025-07-12 18:48:53
خطبة الجمعة بعنوان الأمر الجلل في الفرار من الله إليه عز وجل
لشيخنا الفاضل أبي بكر الحمادي حفظه الله ورعاه
سجلت بتاريخ ١٦ محرم ١٤٤٧ه
مسجد السنة الأكمة إب اليمن حفظها الله وسائر بلاد المسلمين
إن الْحَمْدُ للهِ نَحْمَدُه ونستعينُه ، ونستغفرُه ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ، ومن سيئاتِ أعمالِنا ، مَن يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له ، ومَن يُضْلِلْ فلا هادِيَ له ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه .
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًاكَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}[ النساء : 1 ]
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[ آل عمران : 102] .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}[الأحزاب : 70 ،71].
أما بعد : فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة.
يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم :{فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ۖ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (50)}[الذاريات:50].
يأمر الله سبحانه وتعالى نبيه عليه الصلاة والسلام أن يأمر قومه وأن يأمر الناس عموماً بالفرار إلى الله عز وجل، ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين، فنبينا عليه الصلاة والسلام هو المنذر من غضب الله عز وجل، وهو المنذر من سخطه، وهو المنذر من شديد عقابه وعذابه، ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين، فأمر الله سبحانه وتعالى العباد أن يفروا إليه، يفروا إليه ويفروا منه، فيفروا منه سبحانه وتعالى إليه عز وجل وهذا واجب على العباد أن يفروا إلى ربهم سبحانه وتعالى، فيفروا منه إليه، يفروا من معصية الله عز وجل إلى طاعته، يفروا من الشرك بالله عز وجل إلى التوحيد به، يفروا من الكفر بالله عز وجل إلى الإيمان به، يفروا من كل معصية إلى كل طاعة أمر الله بها، الفرار إلى الله عز وجل من الواجبات المتحتمة يجب على كل مسلم أن يفر إلى ربه عز وجل، فلا يغتر العبد بربه سبحانه وتعالى:{يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6)}[الإنفطار:6].
لا تغتر فتلقى ما لا يخطر على بالك من الأمور العظام فر إلى ربك عز وجل ولا تكن من المغرورين فتكون من الهالكين والعياذ بالله، ربك وإن كان غفوراً رحيماً فإنما يغفر لمن استحق المغفرة، ويرحم من استحق الرحمة وإلا فهو شديد العقاب، قال سبحانه وتعالى:{ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (50)}[الحجر:49،50].
لا تغتر بربك وفر إليه، لا تغتر بمغفرة الله ورحمته وفر من عذابه ومن نقمته، نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم، قال:{فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25)وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ (26)}[الفجر:25،26].
قال:{وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (30)}[آل عمران :30].
ويحذركم الله نفسه فالله عز وجل يحذرنا نفسه، يحذرنا غضبه، يحذرنا أليم عقابه، ففر إلى ربك سبحانه وتعالى فر من عذابه بطاعته، فر من سخطه بامتثال أمره، ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين، إياك أن تكون من المغرورين، كم من شدائد حصلت لأولياء الله عز وجل الصالحين بسبب بعض ذنوبهم فكيف تغتر وأنت دونهم، كيف تغتر وأنت دونهم وهنالك شدائد حصلت لأولياء الله الصالحين بسبب بعض الذنوب والمعاصي، آدم عليه الصلاة والسلام خلقه الله عز وجل بيده، شرفه بهذا الشرف العظيم خلقه الله عز وجل بيده، وأسجد له ملائكته فأكل لقمة من الحرام لقمة حرمها الله سبحانه وتعالى عليه فكانت العاقبة أن أخرجه الله سبحانه وتعالى من الجنة، وأهبطه إلى الأرض بعد أن كان في نعيم عظيم :{إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ (119)}[طه:118،119].
كان في نعمة عظيمة بسبب لقمة من الحرام تغيرت تلك النعمة، وأخرج من الجنة وأهبط إلى الأرض، فلاقى الشدائد والمهن ولاقى الآلام والمتاعب الكثيرة،{ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۙ}[الأنفال:53]
قال:{إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ}[الرعد:11].
لقمة من الحرام غيرت تلك النعمة، وكم نحن واقعون في أنواع من المعاصي العظام ومنتهكون لكثير من المحارم ولا نريد أن يغير الله عز وجل ما بنا من النعم، فإذا ما حلت بنا الشدائد والمحن والنكبات والمصائب واشتد الجوع واشتدت الأمراض وذهب الأمن وحصل البلاء الشديد كثير من الناس يتعجب من هذا الحال قل هو من عند أنفسكم،{وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ (30)}[الشورى:30].
لقمة من الحرام حصل منها هذا الأمر العظيم فكيف بانتهاك للحرام في الليل والنهار، الربا منتشر في أوساط الناس لا يتقيه إلا من رحم الله عز وجل، والمرابي محارب لله عز وجل،{فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ}[البقرة:279].
قال:{يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ۗ }[البقرة:276].
الرشاوي منتشر في أوساط الناس ولا يتقيها إلا من رحم الله عز وجل، القمار والميسر منتشر في أوساط الناس لا يتقيه إلا من رحم الله عز وجل، بيوع الغرر وما فيه جهالة منتشر في أوساط الناس، والحيل على أموال الناس، والغش في البيع والشراء منتشر في أوساط الناس ولا يتقِ ذلك إلا من رحم الله عز وجل، أكل المال بالباطل منتشر في أوساط الناس ولا يتقِ ذلك إلا من رحم الله عز وجل، فكم من أكلات وأكلات من الحرام يقع فيها كثير من الناس من غير خوف من الله عز وجل، في البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال :"يَأْتي علَى النَّاسِ زَمانٌ لا يُبالِي المَرْءُ ما أخَذَ منه؛ أمِنَ الحَلالِ أمْ مِنَ الحَرامِ.
أكلات كثيرة من الحرام منتشر في عصاة الناس، فإذا حلت بنا الأزمات والشدائد والمحن إذا بالناس يتوجعون ولا يصلحون، يتوجعون من الشدائد والمحن ولا يصلحون أحوالهم، والله سبحانه وتعالى ما ابتلانا بذلك إلا لنرجع إليه{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)}[الروم:41].
قال:{وَبَلَوْنَاهُم بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168)}[الأعراف:168].
قال:{وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ (76)}[المؤمنون:76].
هذه حال كثير من الناس إلا ما رحم الله عز وجل، إنما نؤتى من جهة أنفسنا، ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين، لا تغتر بربك سبحانه وتعالى لقمة من الحرام حصل فيها ما حصل من المحن ومن الشدائد، وهكذا نبي الله يونس عليه الصلاة والسلام نبي كريم من أنبياء الله عز وجل حصلت منه مخالفة وقد أناب وتاب إلى الله عز وجل وتاب الله عنه لكن قصها الله سبحانه وتعالى لنا حين ترك قومه ولم يأمره الله سبحانه وتعالى بترك قومه، فكان العاقبة أن دخل في بطن الحوت:{فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144) ۞} وهو نبي كريم من أنبياء الله عز وجل، من خيار الخلق من عباد الله المصطفين، الصحابة الكرام رضي الله عنهم وهم في جهاد الكافرين في الجهاد في سبيل الله عز وجل في طاعة وقربة ليس في لهو ولا في لعب ولا في أشر ولا في بطر ولا في معصية الله عز وجل إنما هم في جهاد في سبيل الله حصلت مخالفة من بعض الرماة حين تركوا الجبل فسلط الله سبحانه وتعالى عليهم الكافرين بعد ذلك فقتل سبعون من الصحابة الكرام وكسرت رباعية رسول الله صلى الله عليه وسلم وشج وجهه وحصل بلاء عظيم،{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا ۖ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165)}[آل عمران :165].
هكذا يقول لهم ربهم سبحانه وتعالى وهم خير الناس بعد الأنبياء والمرسلين وفيهم خير الأنبياء والرسل عليه الصلاة والسلام، قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم فأين أنا وأنت من هؤلاء؟ نجاهر الله سبحانه وتعالى بالمعاصي، ونعصي الله عز وجل في السر والعلن ولا نتوب ولا نرجع إليه فإذا نزلت من الشدائد والمحن والمصائب العظام قلنا أنى هذا قل هو من عند أنفسكم، ذلك بأن الله لم يكن مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، إن الله لا يغير نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، إن غيرنا غير الله بنا، وإن رجعنا إليه سبحانه وتعالى أصلح الله أحوالنا، ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين، هذا هو الواجب على العباد جميعا أن يفروا إلى ربهم سبحانه وتعالى، وأن يرجعوا إليه، وأن يهربوا من سخطه إلى مرضاته، ومن معصيته إلى طاعته، بهذا يكون لهم الفلاح، وبهذا تكون لهم السعادة في الدنيا والآخرة، وبهذا تكون لهم الحياة الطيبة في الدنيا والآخرة،{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)}[النحل:97].
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ذنوبنا أجمعين وأن يرحمنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد: يقول ربنا سبحانه وتعالى :{فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ۖ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (50)}[الذاريات:50].
ربنا سبحانه وتعالى من فر إليه فإنما يفر منه إليه، بعكس المخلوق فإنك إن فررت من مخلوق فإنما تفر إلى غيره، إن فررت من مخلوق أراد بك سوء فإنك تفر منه إلى غيره، أما ربنا سبحانه وتعالى فلا فرار منه إلا إليه، لا فرار منه أي من عذابه ومن سخطه ومن عقوبته إلا إليه بطاعته والاستقامة على شرعه واتباع مرضاته، فالفرار من الله سبحانه وتعالى منه إليه، فإن الله سبحانه هو الخالق وهو على كل شيء قدير والأمر إليه ما شاء الله كان وما لم يشاء لم يكن، فالفرار من الله وإلى الله، وهكذا الملجأ منه وإليه، والمعاذ منه وإليه، جاء في الصحيحين من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال له:"إِذَا أتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ علَى شِقِّكَ الأيْمَنِ، ثُمَّ قُلْ: اللَّهُمَّ أسْلَمْتُ وجْهِي إلَيْكَ، وفَوَّضْتُ أمْرِي إلَيْكَ، وأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إلَيْكَ، رَغْبَةً ورَهْبَةً إلَيْكَ، لا مَلْجَأَ ولَا مَنْجَا مِنْكَ إلَّا إلَيْكَ،اللَّهُمَّ آمَنْتُ بكِتَابِكَ الذي أنْزَلْتَ، وبِنَبِيِّكَ الذي أرْسَلْتَ، فإنْ مُتَّ مِن لَيْلَتِكَ، فأنْتَ علَى الفِطْرَةِ، واجْعَلْهُنَّ آخِرَ ما تَتَكَلَّمُ بهِ.
فأمره النبي عليه الصلاة والسلام بهذه الكلمات الطيبات المباركات التي فيها تفويض الأمر إلى الله عز وجل، وتوجيه الوجه إلى الله عز وجل أن يكون قصدك في عبادتك هو ربك سبحانه وتعالى، والتي فيها إسناد الظهر إلى الله عز وجل بمعنى أنت معتمدي عليك توكلت، أنت معتمدي كما يستند الإنسان بظهره إلى جدار فأنت تستند إلى عظيم إلى رب العالمين سبحانه وتعالى الذي هو على كل شيء قدير فتتوكل عليه، ومن يتوكل على الله فهو حسبه أي كافيه من كل شر ومكروه، وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين، وفيه علمه عليه الصلاة والسلام أن يقول : لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، لا ملجأ ليس هناك لك حصن تتحصن به من الله عز وجل، ولا ملجأ لا مستعاذ لك من الله سبحانه وتعالى إلا إليه فر منه إليه، أنت تفر من الله عز وجل إليه، تريد أن تلتجئ تريد أن تتحصن وتريد أن تستعيذ من عذاب الله ومن سخطه ومن نقمته ليس لك إلا إلى ربك سبحانه وتعالى، فاستعذ بالله من عذاب ومن سخطه، فالأمر له فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، هكذا ربك سبحانه وتعالى لا ملجأ منه إلا إليه ولا ملتجأ منه إلا إليه، في مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أنها افتقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فوجدته وهو في المسجد ساجد وهو يقول عليه الصلاة والسلام : اللَّهمَّ ! إنِّي أعوذُ برضاكَ من سخطِكَ ، وبمعافاتِكَ من عقوبتِكَ ، وأعوذُ بِكَ منكَ ، لا أُحصي ثَناءً عليكَ ، أنتَ كما أثنيتَ علَى نفسِكَ.
استعاذ برضى الله عز وجل من سخطه، استعاذ بصفة الرضى لله عز وجل من سخطه من صفة السخط له عز وجل، واستعاذ بأفعال الله عز وجل بمعافاته من عقوبته، واستعاذ بالله منه وأعوذ بك منك فالأمر لله عز وجل، إن جاءك مكروه فمن الله عز وجل، وإن جاءتك رحمة فمن الله عز وجل، فالخير والشر بيده سبحانه وتعالى فاستعذ برضا الله من سخطه، واستعذ بمعافاته من عقوبته، واستعذ به منه، لا تستعذ بغيره ولا تلتجأ إلى غيره فلا ملجأ لك من الله عز وجل إلا إليه، هذا هو معنى الفرار إلى الله عز وجل، ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين، فعلينا أن نفر إلى الله عز وجل، نفر إلى الله سبحانه وتعالى بالتوبة والإنابة والرجوع إليه، وأن نصلح أعمالنا إن أردنا أن يرحمنا الله عز وجل، وأن يكشف ما بنا من الشدائد والمحن وإلا فإن الله سبحانه وتعالى لا يبالي بمن عصاه، لا يبالي بمن عصاه وإياك أن تكون من المغرورين،{قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ۖ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77)}[الفرقان:77].
لا قيمة لكم عند الله عز وجل إلا بدعائه وعبادته والإنابة إليه، ومن عصى ربه سبحانه وتعالى لا يبالي الله به، إبليس كان من العباد مع الملائكة الكرام عليهم الصلاة والسلام أمره ربه سبحانه وتعالى أن يسجد لآدم سجدة واحدة فأبى واستكبر وكان من الكافرين فطرده الله عز وجل من رحمته، وأوجب عليه غضبه وصار من الملعونين ومن المخلدين في عذاب جهنم، وربنا سبحانه وتعالى يأمرنا بسجدات له له سبحانه وتعالى الذي خلقنا ورزقنا فيتكبر كثير من الخلق عن السجود لرب العالم سبحانه وتعالى فكيف حال هؤلاء ؟. نسأل السلامة والعافية.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها دقها وجلها وأولها وآخرها وعلانيتها وسرها، اللهم أصلح أعمالنا، اللهم أصلح أعمالنا، اللهم أصلح أعمالنا، اللهم أصلح لنا أحوالنا، اللهم اللهم أصلح البلاد والعباد، اللهم أصلح البلاد والعباد، اللهم أمنا في أوطاننا، اللهم اكشف ما نزل بنا من المحنة والبلاء والشدة إنك على كل شيء قدير، اللهم اغفر لنا وارحمنا واهدنا وهد بنا وجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، اللهم إنا نسألك الحياة الطيبة في الدنيا والآخرة، اللهم إنا نسألك الحياة الطيبة في الدنيا والآخرة، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، والحمد لله رب العالمين.
فرغها أبو عبد الله زياد المليكي حفظه الله