إيضاح القول بتفسيره في بيان أن السعيد من وعظ بغيره ٢٦ رجب ١٤٤٤ 2023-02-19 10:51:32
خطبة جمعة بعنوان (إيضاح القول بتفسيره في بيان أن السعيد من وعظ بغيره)
لشيخنا المبارك أبي بكر الحمادي حفظه الله ورعاه
سجلت بتاريخ ٢٦رجب١٤٤٤ه
بمسجد السنة 🕌 خنوة (مدينة القاعدة محافظة إب حفظها الله وسائر بلاد المسلمين
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا تكون شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70-71]
أما بعد:فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم،وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة.
روى الإمام مسلم في صحيحه، عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال:" الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من وعظ بغيره.
فالسعيد كما قال عبد الله بن مسعود من وعظ بغيره، فإذا اتعظت بغيرك فأنت السعيد، وأنت الناجي من كل شر ومكروه، وإذا لم تتعظ بغيرك اتعظت بنفسك، وإن لم تتعظ بغيرك ولا بنفسك فقد أُُعذرت من ربك سبحانه وتعالى وأنت من الهالكين، إن لم يتغمدك الله سبحانه وتعالى برحمته، فهنالك من الناس من يعتبر بغيره، ينظر في العقوبات النازلة من رب العالمين سبحانه وتعالى على الغير وينظر في نفسه ويقول : ما الفرق بيني وبين فلان الذي أنزل الله سبحانه وتعالى عليه العقوبة ورحمني ولم ينزل علي من العقوبة مثل ما أنزل على فلان، فيتعظ ويصلح العمل ويبتعد عن أسباب العقوبات في الدنيا وفي الآخرة، فهذا هو السعيد من ينظر إلى غيره فيتعظ، فإن لم يتعظ بغيره نزلت العقوبة ولو بعد حين، وصار موعظة للغير، يصير بعد ذلك موعظة للغير إذا لم يتعظ هو بغيره، وربنا سبحانه وتعالى في كتابه الكريم يحثنا ويأمرنا ويأمر عباده أن يتعظوا بالغير قبل أن تنزل عليهم العقوبات من رب العالمين سبحانه وتعالى، قال سبحانه وتعالى :{وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُم مِّنَ الْقُرَىٰ وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (27)}[الأحقاف:27].
ولقد أهلكناما حولكم من القرى، كم من قرى أهلكها الله عز وجل عن اليمين أو عن الشمال أو في جهة الأمام أو في جهة الخلف، أمم أهلكها الله سبحانه وتعالى، وأنزل الله سبحانه وتعالى عليها أنواع العقوبات في الماضي وفي الحاضر حتى نتعظ فننزجر عن ذنوبنا ومعاصينا، ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى، اتعظوا، الهلاك لم يصل إليكم بعد فاتعظوا بالهلاك الحاصل لمن هو من حولكم من القرى، {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُم مِّنَ الْقُرَىٰ وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (27)}
أي إلى ربهم سبحانه وتعالى فيرجعون إليه بالتوبة والإنابة بعد أن فروا من طاعته إلى معصيته، لعلهم يرجعون إلى طاعته، يرجعون إلى ربهم سبحانه وتعالى فيتوبون ويستغفرون من ذنوبهم ومن معاصيهم، وهكذا يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم لأهل مكة في شأن قوم لوط الذين أحدثوا تلك الفاحشة العظمى التي ما سبقها أحد من العالمين وهي في هذه الأيام تشاع وتنتشر وجعلوها نكاحا من الأنكحة، يعقدون بين الرجل والرجل. والعياذ بالله، يقول سبحانه وتعالى لأهل مكة في شأن قوم لوط:{وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ (137)وَبِاللَّيْلِ ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (138)}[الصافات:137،138].
تمرون عليهم مصبحين في مسيركم إلى بلاد الشام، تمرون عليهم في الصباح وتشاهدون إلى تلك القرى التي دمرها الله سبحانه وتعالى، والتي أهلكهم الله سبحانه وتعالى، والتي جعل عاليها سافلها وأمطر عليهم حجارة من سجيل منضود وما هي من الظالمين ببعيد، كما أخبرنا بذلك ربنا سبحانه وتعالى، وبالليل أيضا تمرون على تلك القرى بالليل وتشاهدونها بأبصاركم في ذهابكم وفي رجوعكم إلى مكة، أفلا تعقلون فتتعظون وتعتبرون بما حصل لهم فتخافون على أنفسكم من أن يحل عليكم ما حل بهم من عذاب الله عز وجل، فالسعيد من اعتبر بغيره، يقول شعيب عليه الصلاة والسلام لقومه:{وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَن يُصِيبَكُم مِّثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ ۚ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ (89)}[89].
لا يجرمنكم شقاقي أي مشاققتي، فكانوا يشاقونه فإذا رأوه يفعل شيئا خالفوه، خالفوه في كل شيء من أمره، فحذرهم من عقاب الله عز وجل الذي حصل في أمم قد علموا أخبارها كقوم نوح وقوم هود وكقوم صالح، ثم أخبرهم بأقرب قوم إليهم وهم قوم لوط، وما قوم لوط منكم بعيد، إما من حيث المكان أو من حيث الزمان أي قرب العقوبة، فقد علموا أخبارهم فلم يتعظوا بغيرهم، فأنزل الله سبحانه وتعالى عليهم بعد ذلك أنواعا من العقوبات، وجعلهم الله سبحانه وتعالى موعظ لغيرهم لأنهم لم يتعظوا بأنفسهم، وهكذا من لم يتعظ بغيره صار موعظة هو لغيره، فينزل الله سبحانه وتعالى عليه أنواعاً من العقوبات، كم من أناس كانوا يتعاملون بالمعاملات الربوية، ويقال لهم إن ربنا سبحانه وتعالى قد أعلن المحاربة لمن أكل الربا، وتعامل بالربا، فأذنوا بحرب من الله ورسوله، ويقول سبحانه وتعالى:{يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ}[البقرة:276].
ويقول النبي عليه الصلاة والسلام :"
ما أكثر أحد من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى قلة.
فلا ينزجر كثير من الناس ويشاهد بعض الناس غيره وكيف أن فلانا من التجار كانت عنده التجار الكثيرة الواسعة ثم محق الله سبحانه وتعالى ماله وصار فقيراً بعد أن كان غنيا بسبب المعاملات الربوية، فلا يتعظ لا بمواعظ الكتاب، ولا بمواعظ السنة، ولا يتعظ بغيره ممن أنزل الله سبحانه وتعالى عليه العقوبة في ماله، فلا يتعظ حتى تنزل عليه العقوبة من ربه سبحانه وتعالى، فيكون موعظة لغيره وحديثا لغيره يتحدث الناس عنه في مجالسهم ويذكرون شيئا من أخباره وكيف كان وإلى أين صار، هذه حال كثير من الناس لا يتعظون بغيرهم حتى تنزل عليهم العقوبة من رب العالمين سبحانه وتعالى، قال ابن مسعود : والسعيد من اتعظ بغيره، وربنا سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم:{أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ}[الروم:9].
قال:{قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ ۚ}[الروم:42].
قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين.
قال {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (69)}[النمل:69].
وآيات كثيرة من كتاب الله عز وجل، يأمر الله سبحانه وتعالى العباد أن يسيروا في الأرض، وأن يتأملوا أحوال ومن مضى ومن حولهم من الأمم، يتأمل هنا وهناك وكيف أن الله سبحانه وتعالى دمر البلدة الفلانية، والقرية الفلانية، وكيف أن فلانا لما فعل كذا وكذا أنزل الله سبحانه وتعالى عليه العقوبة، سيروا في الأرض إما بأقدامكم وإما بقلوبكم، إما أن يسير الإنسان بقدمه فينظر إلى تلك الأمور، وإما أن يسير بقلبه بمعنى أنه ينظر في أحوالهم، يسير بقلبه في الأرض ويتأمل في أحوال الظالمين، وفي أحوال المكذبين، وفي أحوال المجرمين، وفي أحوال العاصين الذين أنزل الله سبحانه وتعالى عليهم أنواعا من العقوبات، وليتأمل وليعتبر ويتعقل الأمور، ولا ينظر نظر من هو ساهي غافل، فإن من كان كذلك لا ينتفع بهذه المواعظ العظام وبهذه الزواجر الكبار، وإنما يتعظ من كان يقظ القلب، من كان خائفا من الله سبحانه وتعالى لا يأمن مكر الله، أفأمنوا مكر الله، فلا يأمن أحد من مكر الله عز وجل، فإن الله سبحانه وتعالى إذا أخذ القرى وهي ظالمة أخذها بغتة والعياذ بالله،{وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ ۚ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102)}[هود:102].
ليس بالأخذ الهين اليسير، بل أخذه هو الأخذ الأليم والأخذ الشديد، فاعتبروا، قال سبحانه وتعالى في شأن بني النضير حين أجلاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة بسبب ذنوبهم قال:{يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ (2)}[الحشر:2].
اعتبروا بمن حولكم، اعتبروا واتعظوا بمن حولكم، في مثل هذه الأيام يسمع كثير من الناس زلازل في البلد الفلانية، وحصل كذا وكذا من الدمار، دمرت البيوت والمنشآت وهلك من هلك من الناس في البلدة الفلانية آلاف من الناس يهلكون ودمار شديد في كثير من البلدان ولا يتعظ كثير من الناس، ذاك العبد هو هو يسمع تلك الاخبار سمع أولم يسمع هي حاله، لا يرجع إلى ربه ولا يتوب إلى ربه سبحانه وتعالى ولا يتعظ بمن حوله من القرى، ومن حوله من المدن، ومن حوله من الأمم الذين أنزل الله سبحانه وتعالى عليهم أنواعا من الشدائد والمحن،{وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُم مِّنَ الْقُرَىٰ وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (27)}[الأحقاف:27].
فاعتبروا واتعظوا بمن حولكم وارجعوا إلى ربكم سبحانه وتعالى، وانظروا إلى أنفسكم وإلى أحوالكم، وانظروا إلى ذنوبكم وإلى ذنوبهم، هي سيان نذنب وهم يذنبون، ونعصي وهم يعصون، غير أن الله سبحانه وتعالى أجل وحلم عنا ولم يبادرنا بالعقوبة لعلنا نرجع إليه ونتوب إليه من سوء أعمال، ونرجع إليه بإحسان العمل وإصلاح العمل من الخلل.
اسأل الله سبحانه وتعالى أن يرحمنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم.
*الخطبة الثانية:*
إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد معاشر المسلمين : بينما الشدائد تنزل على المسلمين بسبب ذنوبهم ومعاصيهم والزلازل من هنا وهناك في كثير من بلدان المسلمين إذا بكثير من الجاهلين في الأيام الخالية القريبة يحتفلون بما يسمى بعيد الحب، بعيد الحب يغضبون ربهم سبحانه وتعالى بمعصيته، ويتشبهون بأعداء الله عز وجل، بأهل الكفر والوثنية، وينشرون هذه الأمور السافلة في أوساطهم والعياذ بالله، من غير خوف من رب العالمين سبحانه وتعالى، ومن غير حياء من من الله، ولا من الخلق، إن هذا العيد الذي فعله كثير من الجاهلين من المسلمين، وفي كثير من بلدان المسلمين في هذا البلد وفي غيره من أمور الجاهلية، ومن أمور المشركين والكافرين، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول:" من تشبه بقوم فهو منهم، كما رواه أحمد وأبو داوود من حديث عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما.
فلا تتشبه بأعداء الله عز وجل، هذا العيد الذي يسمى بعيد الحب أحدثه الكفار، وهم أهل لذلك، أهل للإحداث لأنهم لا ينقادون مع شرع، وأما أنت مسلم منقاد لكتاب الله عز وجل، ولسنة النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا العيد عند الرومانيين يعتقدون فيه أن إلهة الحب خلصت حبيبها من آله الحرب، فهو اعتقاد وثني، فيحتفلون من أجل ذلك، ويجعلون آلهة من دون الله عز وجل آلهة الحب خلصت حبيبها من آله الحرب في هذا اليوم الذي يحتفلون فيه فيحتفلون من أجل ذلك، هكذا غيرهم من أهل الوثنية لهم اعتقادات مختلفة، ومنهم من يرى أن بعض الكافرين من النصارى أنه قتل واستشهد، قتل في هذا اليوم من أجل حب فجعلوا عيدا للحب، وهنالك من يحتفل بعيد الحب نعم لاعتقادات أخرى وخرفات كثيرة، فعلى كل أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون،{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179)}[الأعراف:179].
هؤلاء أظلهم الله عز وجل من النصارى ومن الوثنيين ومن أنواع الكافرين، فلا عجب أن يقولوا مثل هذه الأمور، وأن يحتفلوا بهذا العيد بما عندهم من العقائد الفاسدة، وإنما العجب من أبناء المسلمين ممن يحتفل بهذا العيد ويحرصون على اللون الأحمر في ثيابهم، ويتهادون الورود الحمراء وما إلى ذلك تشبها بأعداء الله عز وجل، تشبها بالوثنيين، وتشبها بالنصارى ، وتشبها بغيرهم من أعداء الله سبحانه وتعالى، ويعتقدون أولئك الكفار أن إلهة الحب داست على وردة فيها شوكة فخرج دمها على تلك الورد حتى صارت جميع الورود حمراء، فلهذا يحرصون على اللون الأحمر دون غيره، وإذا قرب العيد في أوساط المسلمين إذا بكثير من المحلات التجارية يخرجون الألبسة ويعرضونها أعني الألبسة الحمراء، وكل ما هو أحمر ينشرونه ويعرضونه للبيع والشراء، والله وتعالى يقول:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ }[المائدة:2].
هذا العيد من أعياد الكافرين ومن تشبه بالكافرين فهو منهم.كما أخبرنا بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله يقول لنبيه عليه الصلاة السلام :{ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18)}[الجاثية:18].
والحب الذي يسعون إليه هو العشق المحرم سواء ما يتعلق بالنساء أو بالرجال، هو حب محرم وعشق محرم، وهو فسق وفجور، وهو يدعو إلى الرذائل، وإلى الفواحش من اللواط ومن الزنا، ومن غير ذلك مما حرمه رب العالمين سبحانه، وجاء تحريمه أيضا في سنة رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام، إن أردت محبة نافعة فأحب ربك سبحانه وتعالى الذي خلقك، وأحب نبيك عليه الصلاة والسلام الذي كان سببا في هدايتك، هذه المحبة التي تنفعك وتدعوك إلى كل خير، وتقربك من ربك سبحانه وتعالى،{قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24)}[التوبة:24].
هكذا يقول سبحانه وتعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ}[البقرة:165]
والله سبحانه وتعالى يقول :{النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ}[الأحزاب:6].
وهذه الأولوية تقتضي المحبة أن يكون النبي عليه الصلاة والسلام أحب إليك ممن سواه، وفي مسلم من حديث جابر رضي الله عنه، عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال:" أنا أولى بكل مؤمن من نفسه.
وفي البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:" ما من مؤمن إلا وأنا أولى به في الدنيا والآخرة اقرأوا إن شئتم النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم.
وقال عليه والسلام :" لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب اليه من والده وولده والناس أجمعين. كما في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه.
فلا يؤمن العبد حتى يكون كذلك، حتى تكون محبة النبي عليه الصلاة والسلام أحب إليه من نفسه، وأحب إليه من والده ومن ولده ومن الناس أجمعين، والحب من أجل الله عز وجل قربة إلى الله عز وجل، أن تحب العبد من أجل الله، ما هو حب العشق والفجور، وإنما حب من أجل الله بسبب إيمانه وطاعة لله عز وجل، وتبغض من أجل الله من أجل معصية الله سبحانه وتعالى، فهذا حب تنتفع به في الدنيا وفي الآخرة، في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال عليه الصلاة والسلام :" سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وذكر منهم ورجلان تحابا في الله اجتمع عليه وتفرقا عليه.
وفي مسلم من حديث أبي هريرة، عن النبي عليه الصلاة والسلام قال:" يقول الله عز وجل يوم القيامة أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي.
وفي مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي عليه الصلاة قال:" زار أخا له في قرية فأرصد الله على مدرجته ملكا أي على طريقه فلما مر عليه قال أين تريد؟ قال: أريد أخا لي في هذه القرية، قال هل لك من نعمة تربها عليه؟ أي تسعى في إصلاحها وتريد أن تجازيه به؟ قال : لا، غير أني أحببته فيه، قال : فأنا رسول الله إليك إن الله قد أحبك كما أحببته فيه.
محبة من أجل الله، وفي موطأ الإمام مالك وفي مسند الإمام أحمد عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، عن الله عز وجل قال:"وجبت محبتي للمتحابِّين فيَّ والمتجالسين فيَّ والمتزاورين فيَّ والمتباذلين فيَّ.
المحبة من أجل الله عز وجل هي المحبة الشرعية التي ينتفع العبد بها في الدنيا وفي الآخرة:{الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (67)}[الزخرف:67].
والخلة هي المحبة، فمن كان تقيا فإنه ينتفع بمحبته لأخيه في الدنيا وفي الآخرة، أما المحبة المحرمة فهي ضرر في الدنيا وفي الآخرة:{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ۗ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا (29)}[الفرقان:27،29].
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ذنوبنا أجمعين، وأن يرحمنا برحمته إنه الغفور الرحيم، اللهم اغفر لنا ذنوبنا وارحمنا برحمتك، اللهم اجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، اللهم أصلح البلاد والعباد، اللهم أصلح البلاد والعباد، اللهم ارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم اصرف عن بلادنا كل سوء ومكروه، وعن سائر بلاد المسلمين، اللهم اصرف عن بلادنا كل سوء ومكروه وعن سائر بلاد المسلمين، اللهم الطف بنا اللهم الطف بنا اللهم الطف بنا، اللهم عليك باعداءالدين من اليهود ومن النصارى ومن المجوس ومن سائر الكافرين والملحدين، إنك على كل شيء قدير، اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها دقها وجلها وأولها وآخرها وعلانيتها وسرها، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، والحمد لله رب العالمين.