الرئيسية / الخطب والمحاضرات/ الخطب /فتح الصمد في التحذير من بدع رجب ومن بدعة الجند
فتح الصمد في التحذير من بدع رجب ومن بدعة الجند 2023-01-05 15:41:50


  • خطبة جمعة بعنوان :
    فتح الصمد في التحذير من بدع رجب وبدعة الجند.
    لشيخنا الفاضل:أبي بكر الحمادي - حفظه الله-
    وكانت بتاريخ ٧ / رجب / ١٤٤٢ للهجرة.
    في مسجد المغيرة .
     
    إن الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم.
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]
     {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]
    { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } [الأحزاب: 70، 71]
    أما بعد :
    اعلموا أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثةٍ بدعة .
     
    قال الإمام عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي رحمه الله في "سننه" (210) :
    أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ ، أَنبَأَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي ، يُحَدِّثُ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " كُنَّا نَجْلِسُ عَلَى بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَبْلَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ ، فَإِذَا خَرَجَ ، مَشَيْنَا مَعَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَجَاءَنَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: أَخَرَجَ إِلَيْكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ ؟ قُلْنَا: لَا، بَعْدُ ، فَجَلَسَ مَعَنَا حَتَّى خَرَجَ ، فَلَمَّا خَرَجَ، قُمْنَا إِلَيْهِ جَمِيعًا، فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ آنِفًا أَمْرًا أَنْكَرْتُهُ وَلَمْ أَرَ - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ - إِلَّا خَيْرًا ، قَالَ: فَمَا هُوَ؟قَالَ: فَمَا هُوَ؟ فَقَالَ: إِنْ عِشْتَ فَسَتَرَاهُ ، قَالَ: رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ قَوْمًا حِلَقًا جُلُوسًا يَنْتَظِرُونَ الصَّلَاةَ فِي كُلِّ حَلْقَةٍ رَجُلٌ، وَفِي أَيْدِيهِمْ حصًا، فَيَقُولُ: كَبِّرُوا مِائَةً ، فَيُكَبِّرُونَ مِائَةً، فَيَقُولُ: هَلِّلُوا مِائَةً، فَيُهَلِّلُونَ مِائَةً ، وَيَقُولُ: سَبِّحُوا مِائَةً، فَيُسَبِّحُونَ مِائَةً ، قَالَ: فَمَاذَا قُلْتَ لَهُمْ ؟ ، قَالَ: مَا قُلْتُ لَهُمْ شَيْئًا انْتِظَارَ رَأْيِكَ أَوِ انْتظارَ أَمْرِكَ ، قَالَ : "قَالَ : " أَفَلَا أَمَرْتَهُمْ أَنْ يَعُدُّوا سَيِّئَاتِهِمْ ، وَضَمِنْتَ لَهُمْ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ " ، ثُمَّ مَضَى وَمَضَيْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَى حَلْقَةً مِنْ تِلْكَ الْحِلَقِ، فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: " مَا هَذَا الَّذِي أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَ؟ " قَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ حصًا نَعُدُّ بِهِ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّسْبِيحَ ، قَالَ: " فَعُدُّوا سَيِّئَاتِكُمْ ، فَأَنَا ضَامِنٌ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُمْ شَيْءٌ ، وَيْحَكُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ، مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ هَؤُلَاءِ صَحَابَةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَافِرُونَ ، وَهَذِهِ ثِيَابُهُ لَمْ تَبْلَ ، وَآنِيَتُهُ لَمْ تُكْسَرْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّكُمْ لَعَلَى مِلَّةٍ هِيَ أَهْدَى مِنْ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أوْ مُفْتَتِحُو بَابِ ضَلَالَةٍ " ، قَالُوا: وَاللَّهِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا أَرَدْنَا إِلَّا الْخَيْرَ. قَالَ: " وَكَمْ مِنْ مُرِيدٍ لِلْخَيْرِ لَنْ يُصِيبَهُ ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا أَنَّ قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ ، وَايْمُ اللَّهِ مَا أَدْرِي لَعَلَّ أَكْثَرَهُمْ مِنْكُمْ " ثُمَّ تَوَلَّى عَنْهُمْ ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ: رَأَيْنَا عَامَّةَ أُولَئِكَ الْحِلَقِ يُطَاعِنُونَا يَوْمَ النَّهْرَوَانِ مَعَ الْخَوَارِجِ ".
    أي خرجوا مع الخوارج وصاروا يقاتلون صحابة رسول الله - رضي الله عنهم أجمعين- في يوم النهروان قاتلوا علياً - رضي الله عنه- ومن معه من الصحابة الكرام ومن معهم من التابعين، فقاتلوهم واستباحوا دمائهم وكان أول ما حصل لهم من الشر أن أحدثوا بدعة في مسجد من مساجد المسلمين ،فعلوا أمراً ما فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم- والعهد قريب صحابة النبي- عليه الصلاة والسلام- متوافرون، ثياب النبي - عليه الصلاة والسلام- التي كان يلبسها مازالت جديدة لم تبلى بعد، آنية رسول الله - صلى الله عليه وسلم- التي كان يستعملها في طعامه وشرابه وفي وضوئه وفي غير ذلك لم تكسر بعد العهد قريب ،فجاءوا بهذا الأمر الذي ماكان يفعله رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في بيت من بيوت الله- عز وجل- إحتلقوا قبل صلاة الفجر حلقاً حلقاً ومعهم الحصا فيرمي إمامهم بالحصا ويقول : سبحوا مائة ويقول كبروا مائة فينقادون له ويكبرون تكبيراً جماعياً يكبرون مائة ،وهكذا إذا انتهوا من التكبير نقلهم إلى التهليل وقال لهم هللوا مائة يرمي بالحصات ويعد التهليل والتكبير وهكذا بالتسبيح يقول لهم سبحوا مائة ويعد ذلك بالحصا ،هذا أمر ما كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ما فعل ذلك رسول الله- عليه الصلاة والسلام- ولا فعل ذلك الصحابة الكرام- رضي الله عنهم أجمعين- وإنما هؤلاء إستحسنوا شيئاً من عند أنفسهم ففعلوه وأحدثوا في دين الله- عز وجل- ما لم ينزل به سلطاناً،والدين ليس بالإستحسان والرأي، الدين يؤخذ من كتاب الله- عز وجل- ومن سنة النبي - عليه الصلاة والسلام- لا يكفي أن تنظر إلى العمل وأنه عبارة عن ذكر لله - عزوجل- عن تكبير وتهليل وتسبيح، وإنما انظر هل هذا الذكر فعله النبي - عليه الصلاة والسلام- قاله النبي - عليه الصلاة والسلام- في هذا الموضع؟ قاله النبي - عليه الصلاة والسلام- على هذه الصفة؟ بعض الناس لجهلهم ولبعدهم عن العلم إذا ما أنكر عليهم  شيء من المحدثات قالوا أنتم تنهون عن ذكر الله ،وتنهون عن الصلاة ، وتنهون عن كذا وكذا ،وهذا هو الجهل ،لا يقبل منك عمل إلا إذا كان موافقاً لهدي رسول الله- عليه الصلاة والسلام- ليس لك أن تذكر الله - عزوجل- على ما تريد ،ولا أن تصلي كيف ما تريد ،ولا أن تحج كيف ما تريد ، ولا أن تأتي بأي عبادة من العبادات كيف ما تريد، وإنما خذ دينك  من رسول الله- عليه الصلاة والسلام- فإن ربك - سبحانه وتعالى- يقول {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}[الحشر:٧].
    ويقول سبحانه {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)}[ الأحزاب:٢١].
    وأبو موسى الأشعري لما شاهد هذا الفعل استنكره لأنه لم يكن على عهد رسول الله- عليه الصلاة والسلام- وقال لعبدالله بن مسعود ولم أر إلا خيراً : أي على حسب الظاهر لأنه تهليل وتكبير وتسبيح، لكنه أنكره لأنه لم يكن على عهد رسول الله- عليه الصلاة والسلام- فبالغ عبدالله بن مسعود ذلك الحبر والإمام - رضي الله عنه- من علماء الصحابة الكرام، أنكر عليهم هذا الفعل انكاراً عظيماً وقال لهم ما تصنعون؟ قالوا يا أبا عبدالرحمن حصا نعد به الذكر، فقال لهم ألا تعدون سيئاتكم وأنا أضمن أن لا يضيع من حسناتكم شيء ،والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد - صلى الله عليه وسلم- أو أنكم مفتتحو  باب ضلالة ،أي والأمر كذلك لأنه ليس هناك أحد على ملة خير من ملة رسول الله- عليه الصلاة والسلام- بل أنتم مفتتحو باب ضلالة ،فاعتذروا من عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه- فقالوا يا أبا عبدالرحمن ما أردنا إلا الخير فلم يقبل ذلك منهم ؛ لم يقبل ذلك منهم وقال لهم وكم من مريد للخير لن يصيبه،لا يكفي أن تريد الخير لا تكفي النية الصالحة لابد أن يكون قولك موافق  لقول رسول الله- عليه الصلاة والسلام - وأن يكون عملك على هدي رسول الله- عليه الصلاة والسلام- لا يكفي إرادة الخير ،كم من مريد للخير لن يصيبه، ثم أخبرهم بخبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال : إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حدثنا عن قوم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم وايم الله لا أدري لعل أكثرهم منكم، تفرس فيهم أن يكونوا من أولئك القوم،من الخوارج الذي ذمهم رسول الله- عليه الصلاة والسلام- وأخبر عنهم أنهم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، وقال فيهم - عليه الصلاة والسلام-(هم شر الخلق والخليقة) رواه أبو داود( 4765) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
     وقال فيهم- عليه الصلاة والسلام-( لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود) البخاري: (7432)، ومسلم واللفظ له: (1064) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
     
    وقال عنهم عليه الصلاة والسلام(لئنْ أدركتُهم لأقتُلَنَّهم قتْلَ عادٍ)أخرجه البخاري (3344)، ومسلم (1064).من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
     
     
    ،وقال عنهم النبي - عليه الصلاة والسلام- (كلابُ النارِ شرُّ قتلى تحتَ أديمِ السماءِ خيرُ قتلى مَن قتَلوه)أخرجه الترمذي (3000)، وأحمد (22262) من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه.
    وغير ذلك من الأدلة المتكاثرة فيقول عمرو بن سلمة - رحمه الله- فرأيت أكثر أولئك الحلق يقاتلوننا أو يطاعنونا يوم النهروان ، أي صدقت فراسة عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- .
    وهكذا البدع تبدأ شيئاً يسيراً ثم تتوسع إلى أن يصير الشخص مستحلاً لدماء المسلمين، فحذاري حذاري من البدع ومحدثات الأمور ،والواجب على العبد أن يكون مستناً بسنة رسول الله - عليه الصلاة والسلام- وبما كان عليه الخلفاء الراشدين الذين قال عنهم - عليه الصلاة والسلام- ( فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (4607) وَاَلتِّرْمِذِيُّ ( 266) من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه.
    أسأل الله أن يقينا والمسلمين محدثات الأمور وأن يرحمنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم.
     
    الخطبة الثانية:
    الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهديه الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
    يقول الله سبحانه وتعالى{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ}[التوبة:٣٦].
    ومن جملة الأشهر الحرم التي الظلم فيها أخطر وأضر، هذا الشهر الذي نحن فيه وهو شهر رجب، وسمي هذا الشهر رجب من الترجيب؛ والترجيب هو التعظيم ، فهو شهر معظم ، عظمه رب العالمين- سبحانه وتعالى- ومن تعظيم الله  سبحانه وتعالى- لهذا الشهر وللأشهر الحرم أن الله سبحانه وتعالى- غلظ من الظلم ،فلا يظلم الإنسان نفسه ، ولا يظلم غيره،ومن جملة الظلم ظلم الإنسان لنفسه أن يأتي بالبدع والمحدثات في هذا الشهر ، صار هذا الشهر عند كثير من الناس موسم من مواسم البدع ومحدثات الأمور في أوله وفي أوسطه وفي آخره، فكم من بدع ومحدثات يفعلها الناس في هذا الشهر ،في أوله كصلاة الرغائب في ليلة أول جمعة ،ومن الناس من يصلي صلاة الألفية، ومن صيام أول خميس منه،ومن أحياء أول ليلة جمعة من شهر رجب،وهكذا في منتصفه صلاة أم داود ،وفي آخره صلاة المعراج ،والإحتفال بليلة الإسراء والمعراج، وما إلى ذلك من البدع المتكاثرة التي لا مستند لها في كتاب الله- عز وجل- ولا في سنة رسوله الكريم - عليه الصلاة والسلام- ونبينا- عليه  الصلاة والسلام- يقول :(من أحدَث في أمرِنا – أو دينِنا – هذا ما ليس فيه فهو رَدٌّ)أخرجه البخاري (2697)، ومسلم (1718) من حديث عائشة رضي الله عنها.
     
    ويقول - عليه الصلاة والسلام-:(مَن عَمِلَ عَمَلًا ليسَ عليه أمْرُنا فَهو رَدٌّ)أخرجه مسلم( 1718) من حديث عائشة رضي الله عنها .
     
    ويقول - عليه الصلاة والسلام-في جل خطبه أو في كلها (فإنَّ خَيْرَ الحَديثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرُ الهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بدْعَةٍ ضَلَالَةٌ) أخرجه مسلم(867) من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه.
    فالمحدثات هي شر الأمور كما أخبرنا بذلك نبينا - عليه الصلاة والسلام-.
    وفي هذا البلد في بلاد اليمن يتجه كثير من الجهال إلى مسجد الجند لإحياء ليلة الجمعة ولصلاة الجمعة في مسجد الجند يتوافد كثير من جهال الناس من أطراف البلاد إلى ذلك الموضع ويعتقد كثير من جهالهم أن ذلك من حج المساكين ، ليس هناك حج للمساكين ولا للأغنياء، إلا إلى البيت الحرام ،بهذا أمرنا  ربنا - سبحانه وتعالى-ودلت على ذلك الأدلة وسار ذلك على من مضى، قال سبحانه وتعالى{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97)}
    [ إل عمران:٩٧].
    وقال الله {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ ۖ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ۚ وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158)}[البقرة :١٥٨].
    وقال الله {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27)لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28)ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29)}[الحج :٢٧-٢٩].
    هذا هو الحج الذي شرعه رب العالمين- سبحانه وتعالى- ونادى به إبراهيم الخليل - عليه الصلاة والسلام- ونادى به نبينا - عليه الصلاة والسلام- وسار على ذلك المسلمون حج بيت الله الحرام للأغنياء والفقراء للذكور والإناث، ليس هناك حج إلى غير بيت الله الحرام، فاعتقاد أن هناك حج إلى مسجد الجند من الضلال الكبير ،ليس لهذا المسجد فضيلة على غيره ،كم بنيت من مساجد في الأرض ،بناها الأنبياء والرسل ،وبناها الصحابة الكرام في أطراف الأرض ،ولم تخص هذه المساجد بمثل هذه العبادات ،ديننا نأخذه من كتاب ربنا - سبحانه وتعالى- ومن سنة نبينا - عليه الصلاة والسلام- لا بأهوائنا، أين في كتاب الله - عزوجل- حجوا إلى مسجد الجند؟ أين في كتاب الله- عز وجل- أقيموا أول جمعة في شهر رجب في مسجد الجند؟ أين في كتاب الله- عز وجل- صلوا صلاة الرغائب في أول ليلة من ليالي رجب؟أين هذا في كتاب الله- عز وجل- ؟ إقرءوا القرآن من أوله إلى آخره لا تجدون شيئاً في كتاب الله- عز وجل- يدل على ذلك، وأين ذلك في سنة رسول الله- عليه الصلاة والسلام-؟ لم يأتِ حديث عن رسول الله- عليه الصلاة والسلام-  صحيح  ولا حسن في ذلك وهذه دواوين الإسناد المسنده بين أظهري الناس مسطورة مكتوبة ومنتشرة في أوساط كثير من الناس ، أين قال ذلك رسول الله- عليه الصلاة والسلام-؟أين قال ذلك من أحد أصحاب رسول الله - رضوان الله عليهم- وصلى الله على رسولنا - أين ذلك من هدي الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين- ؟ وأين قال ذلك من أحد من الأئمة ؟ ما قال أحد ذلك من الأئمة ولا من التابعين ولا من أتباعهم ولا من جاء بعدهم ،فيا معشر المسلمين ديننا لا نأخذه من أهوائنا ولا من إستحساننا، جاء عند الترمذي(2738)عن عبدالله بن عمر(أنَّ رجلًا عطسَ إلى جنبِ ابنِ عمرَ فقالَ الحمدُ للَّهِ والسَّلامُ على رسولِ اللَّهِ قالَ ابنُ عمرَ وأنا أقولُ الحمدُ للَّهِ والسَّلامُ على رسولِ اللَّهِ:أي في غير هذا الموضع، وليسَ هَكذا علَّمنا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ علَّمَنا أن نقولَ الحمدُ للَّهِ على كلِّ حالٍ).
    لا تأتي بشيء من جهة نفسك فقد كفينا، كفانا ربنا - سبحانه وتعالى- وأكمل لنا هذا الدين{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا [المائدة:3] .
    من كان عنده نشاط فعليه أن يعمل بكتاب الله، وبصحيح سنة رسول الله- عليه الصلاة والسلام- كم من نوافل ومستحبات وأمور أرشد إليها ربنا في كتابه ،وفعله نبينا - عليه الصلاة والسلام- في سنته، في السنة غنا وكفاية لمن كان عنده همة واجتهاد ومسارعة في الخيرات،وأما البدع والمحدثات فالواجب على العبد أن يبتعد عنها،فابتعدوا عن محدثات الأمور.
    أسأل الله- سبحانه وتعالى- أن يقينا والمسلمين محدثات الأمور، اللهم جنبنا محدثات الأمور، اللهم أحيي في قلوبنا وجوارحنا السنن وأن يكفي قلوبنا وفي جوارحنا وفي مجتمعنا البدع ومحدثات الأمور، اللهم اغفر لنا ذنوبنا كله دقها وجلها وأولها وآخرها وعلانيتها وسرها، اللهم اغفر لنا ما علمنا وما لم نعلم وما أنت أعلم به منا،اللهم اغفر لنا ما أسررنا وما أعلنا وما أسرفنا وما أنت أعلم به منا أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت، والحمد لله رب العالمين.



جميع الحقوق محفوظة لـ الموقع الرسمي للشيخ أبي بكر الحمادي