الدرة اليمانية في التحذير من بدعة الشعبانية
2023-01-04 14:15:28
*خطبة جمعة بعنوان:(الدرة اليمانية في التحذير من بدعة الشعبانية)*
*لشيخنا المبارك : أبي بكر الحمادي حفظه الله*
*سجلت بتأريخ ١٥ / شعبان/ ١٤٤٣هجرية*
*مسجد المغيرة بن شعبة مدينة القاعدة محافظة إب حرسها الله وسائر بلاد المسلمين*
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70-71]
أما بعد:فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم،وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة.
يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:{وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (168)}[البقرة:168].
ويقول سبحانه:{إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6)}[فاطر:6].
فبين لنا ربنا سبحانه وتعالى في آيات كثيرة عداوة الشيطان للإنسان، عداوة الشيطان لبني آدم عليه الصلاة والسلام، ونهانا ربنا سبحانه وتعالى أن نتبع خطوات الشيطان، وقال سبحانه وتعالى عن الشيطان أنه قال مخاطبا ربه سبحانه وتعالى:{فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17)}[الأعراف:17]
فأخبر الشيطان أنه سوف يقعد لبني آدم على الصراط المستقيم؛ وهو الطريق الموصل إلى رضوان الله عز وجل، الطريق الموصل إلى جنة الله سبحانه وتعالى، وهو طريق الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام،{لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17)}
فعداوة الشيطان عداوة ظاهرة بينة، والشيطان يطلب الإنسان في عدة عقبات كما بين ذلك العلام ابن القيم رحمة الله عليه، ويحرص على أشدها،
فإذا لم يدرك الإنسان في أشدها انتقل إلى العقبة التي تليها، ولا ينتقل إلى العقبة التي تليها إلا إذا يئس من العقبة الأولى، فيطلب الإنسان في عقبة الكفر بالله عز وجل، عقبة الكفر بالله وبآياته وبرسله، وبخبر الله سبحانه وتعالى وبوعده ووعيده، فإذا ما أدرك العبد في هذه العقبة، واستولى عليه في هذه العقبة، وأوقعه في الكفر بالله عز وجل وأوقعه في الشرك بالله سبحانه وتعالى، وأوقعه في الكفر بآيات الله ورسله وبوعده ووعيده، فإنه يستريح ، يستريح الشيطان لأنه نال مراده، ونال غاية ما يريد، واذا لم يتمكن من العبد في هذه العقبة ونجا منه العبد لقوة إيمانه بربه سبحانه وتعالى فإنه يطلب العبد في عقبة ثانية وهي عقبة البدع والأهواء، فيزين له البدع، ويحثه على البدع والأهواء، البدع التي هي مناقضة لسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، والتي هي شر الأمور كما أخبرنا بذلك النبي عليه الصلاة والسلام، والتي هي ضلالة، وكل ضلالة في النار كما أخبرنا بذلك نبينا عليه الصلاة والسلام، البدع التي هي مردودة لا تقبل عند رب العالمين سبحانه وتعالى، ثبت في الصحيحين من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو ردٌّ. البخاري(2697) ومسلم(1718)
وفي روايةٍ لمسلمٍ(1718)"من عمل عملًا ليس عليه أمرنا، فهو ردٌّ.
فيحرص اليشطان أن يوقع العبد في البدع والأهواء، فإن العبد إذا ما وقع في البدع نابذ السنة، وصار محاربا لسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وصار محاربا لأولياء الله عز وجل، وانتقلت به البدع إلى ما هو أشد منها، إلى أن تنتفل به إلى الكفر بالله عز وجل والعياذ بالله، فإن البدع موصلة إلى الكفر، موصلة إلى الإنسلاخ عن الدين بالكلية والعياذ بالله، كان محمد بن سيرين رحمة الله عليه وهو من أئمة التابعين يرى أن أهل البدع أسرع الناس ردة، هكذا كان يرى هذا الإمام محمد بن سيرين رحمة الله عليه، والأمر كما قال، فيحرص الشيطان أن يوقع العبد في البدع والأهواء في هذه العقبة، فإن تجاوزها العبد لقوة تمسكه بسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام ولشدة ابتعاده عن البدع والأهواء فإنه يطلب العبد في عقبة ثالثة؛ وهي عقبة الكبائر، يزين له الكبائر ويقول للعبد إن الكبائر تمحى بتوحيد الله عز وجل، ما دمت من أهل التوحيد فلا تضرك تلك الكبائر، سوف يكفر الله سبحانه وتعالى عنك تلك الكبائر، ويدخل في باب الرجاء، وينسيه أدلة الوعيد، فيقع العبد في الكبائر ويستهين بها والعياذ بالله، فإذا لم يتمكن من العبد في هذه العقبة في عقبة الكبائر فإنه يطلبه في عقبة الصغائر، ويهون له الصغائر، ويقول إنها من اللمم، ما دمت قد اجتنبت الكبائر فمن اجتنب الكبائر كفر الله عنه الصغائر، لا تبالي بها هي صغائر كاسمها، وما علم العبد أن الإصرار على الصغائر ترفع الصغائر إلى حد كبائر الذنوب والعياذ بالله، ومحقرات الذنوب إذا اجتمعت على العبد اهلكته، كما أخبرنا بذلك نبينا عليه الصلاة والسلام، فإذا لم يستطع للعبد في باب الصغائر وفي هذه العقبة فإنه يحرص على إدراكه في باب المباحات، ويحث على التوسع في المباحات، والالتهاء بالمباحات، ويقول: هذا أمر مباح ليس هو بمعصية لله عز وجل، لا هو من الكبائر ولا هو من الصغائر، شيء أحله الله، فتمتع بما أحل الله لك، فيلهيه في المباحات حتى يتوسع فيها من أجل أن يترك المندوبات، وربما ترك الواجبات، فإن العبد إذا ما توسع في المباحات جرته المباحات إلى ترك المندوبات، لانشغاله بالمباح، وربما زاحمت المباحات الواجبات، فترك ما فرض الله سبحانه وتعالى عليه بسبب التهائه ببعض المباحات، كشأن كثير من الناس الذين التهوا ببعض أمور دنياهم المباحة، وتركوا ما افترض الله سبحانه عليهم من الواجبات، بل ومن الواجبات العظام، وربما تركوا الفرائض، وتركوا الصلوات التي افترضها الله سبحانه وتعالى عليهم بسبب ذلك، فإذا لم يتمكن من العبد في هذه العقبة في عقبة في المباحات فإنه يحرص على إدراك العبد في باب الأعمال المفضولات، يحث العبد على العمل الصالح المفضول حتى يترك ما هو أحسن منه، وما هو أكمل منه، فأقل ما يريد الشيطان أن يقلل الحسنات إن لم يستطع على ما هو أشد من ذلك، يحرص على تقليل الحسنات، فإذا ما أراد العبد أن يعمل عملا فاضلا فيه حسنات كثيرة يهون في نظره ذلك العمل وينقله إلى عمل دون ذلك حتى يقلل الحسنات، والعبد لجهله بمراتب الأعمال الصالحة، وبجهله بالفاضل والمفضول، وبجهله بالعمل الذي هو أكثر ثوابا، وأحب إلى الله عز وجل عن العمل الذي هو دون ذلك، ربما ينقاد للشيطان فيترك الأعمال التي هي أعظم في الأجر والثواب، وينتقل إلى الأعمال التي دون ذلك، وكل ذلك من كيد الشيطان، ومن مكره، فإذا لم يتمكن من العبد في هذه العقبات انتقل إلى عقبة أخيرة لا يسلم منها أحد، ما سلم منها حتى الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، فإنه يسلط عليهم أولياءه من شياطين الجن والإنس فيؤذونه، ويقدحون به، ويحاربونه أشد المحاربة، بكل ما يستطيعون، ويهيجون عليه سفهاء الناس، وسفهاء الخلق، لا يزال العبد لابسا لأدوات حربه مع الشيطان إلى أن يتوفاه رب العالمين سبحانه وتعالى، فالشيطان له الحرص العظيم على العبد على إغوائه، وعلى إضلاله، كما أخبرنا بذلك ربنا سبحانه وتعالى:{
قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17)}
ووقع في حبال الشيطان في شباكه أكثر الخلق، وما نجى إلا القليل، قال الله:{وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ (20)}[سبإ:20].
فلم ينجو إلا القلة من الخلق، وأكثر الخلق هلكوا، منهم من هلك في العقبة الأولى، ومنهم من هلك في العقبة الثانية، ومنهم من هلك في العقبة الثالثة، ومنهم من هلك في العقبة الرابعة، ومنهم في الخامسة، ومنهم في السادسة، فكم هلك من هلك من الخلق، وزل في شباك الشيطان والعياذ بالله، وما نجا إلا من كان عبدا مخلصا لرب العالمين سبحانه وتعالى، فلينتبه العبد إلى كيد الشيطان، وإلى شدة عداوته بالإنسان، وليستقم على دين الله عز وجل، وليتعلم العلم النافع الذي به يتبصر به من كيد الشيطان ومكره وإغوائه. أسأل الله سبحانه وتعالى أن يرحمنا برحمته، وأن يغفر لنا ذنوبنا إنه هو الغفور الرحيم.
*الخطبة الثانية:*
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
اعلموا معاشر المسلمين أن من كيد الشيطان بكثير من الناس في مثل هذا اليوم الذي هو منتصف شهر شعبان ما يسميه جهال الناس بالشعبانية، ويعتقد كثير من الناس فضل صيام هذا اليوم، وليس لصيام هذا اليوم فضل، ولا لقيام ليلة هذا اليوم شيء من الفضل، وإنما هي من محدثات الأمور التي حذرنا منها حذرنا منها رسولنا عليه الصلاة والسلام بقوله:" وإياكم ومحدثات الأمور، وفي قوله عليه الصلاة والسلام:" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد.
لقد انتشرت هذه البدعة في أوساط كثير من الناس، حتى صارت كأنها من الدين الذي جاء به نبينا عليه الصلاة والسلام، من الدين الذي بعث به ربنا رسوله عليه الصلاة والسلام، وليس صيام هذا اليوم مما شرعه ربنا سبحانه وتعالى، ولا شرعه نبينا عليه الصلاة والسلام، بل أحدثه الجاهلون، وكذبوا على رسول الله عليه الصلاة والسلام بعدة أكاذيب، وباحأديث موضوعة لم يقلها النبي عليه الصلاة والسلام قط، هذا اليوم ما حرص النبي عليه الصلاة والسلام على صيامه، ولا ثبت في حديث أن النبي عليه الصلاة حرص على صيامه، ولا حث على صيامه، ولا فعل ذلك الخلفاء الراشدون، ولا الصحابة رضي الله عنهم رضي الله عنهم وأرضاهم، ولا حث على ذلك أحد من الأئمة الأربعة، وإنما شيء أحدثه الناس وكذبوا فيه على رسول الله عليه الصلاة والسلام بأنواع الأكاذيب، نبينا عليه الصلاة والسلام يقول :" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد.
لقد بلغ بكثير من الناس اعتقادات لا أساس لها في يوم النصف من شعبان وفي ليلة ذلك، منهم من يظن أنها هي ليلة القدر وهذا جهل عظيم، ليلة القدر في رمضان، هي الليلة التي أنزل الله سبحانه وتعالى فيها القرآن، كما قال سبحانه وتعالى :{إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1)}[القدر:1].
وقال سبحانه ما هي هذه الليلة التي نزل فيها القرآن:{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ}[البقرة:186]
ومنهم من يظن أنها الليلة المباركة التي أثنى الله سبحانه وتعالى عليها بقوله:{إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ}[الدخان:3].
والليلة المباركة هي ليلة القدر، فهي الليلة التي أنزل الله سبحانه وتعالى فيها القرآن، وهي في شهر رمضان كما أخبرنا بذلك ربنا سبحانه وتعالى، ومنهم من يظن أن في هذا اليوم يفيض ماء زمزم، ويكثر ماء زمزم كما كان موجودا في عقائد من مضى من الناس، ومنهم من يظن أن ليلة الشعبانية يستحب أن تشعل بالنيران، وأن تؤخذ فيها النيران تشبها بالمجوس، الذين يعظمون النار، ويحرصون على اشعالها هم المجوس، وليس هذا من دين الإسلام في شيء، فالاهتمام بالنار بإشعال النار في هذه الليلة من التشبه بالمجوس، من التشبه بعباد النار، فهم الذين يحرصون على ذلك، ويهتمون بالنار، لأنها معبودهم، يعبدونها من دون رب العالمين سبحانه وتعالى كما هو معلوم، فكل هذا مما أحدثه الناس، وهكذا ما يزعمه بعض الناس من استحباب صلاة في هذه الليلة ما يسمى بصلاة الألفية، أو بصلاة الرغائب، كل ذلك من محدثات الأمور، صلاة الألفية التي يفعلها من يفعلها من جهال الناس في ليلة الشعبانية عبارة عن مائة ركعة، مائة ركعة تصلى في هذه الليلة، وتقرأ سورة الإخلاص ألف مرة، ولهذا سميت بالألفية، تصلى في هذه الليلة ربما إلى الفجر، وربما بعض الناس من شدة إرهاقه وتعبه بالسهر والجهد ينام عما افترض الله سبحانه وتعالى عليه، يصلي إلى السحر ثم يغلبه النوم ولا يصلي الفريضة التي افترضها الله سبحانه وتعالى عليه، وهكذا البدع تأتي مزاحمة للسنن، البدع تزاحم السنن، تزاحم الفرائض، وتزاحم الواجبات، من تمسك بالبدع فإنه تفوته السنن، وتفوته الفرائ، تفوته الواجبات التي افترضها الله سبحانه وتعالى عليه، وكل هذا من تزيين الشيطان، ومن إغوائه، وهنالك من الناس من يظن استحباب زيارة الموتى في الشعبانية وهذا لا أصل له، زيارة القبور في كل وقت فزوروها كما قال النبي عليه الصلاة والسلام فإنها تذكر الموت، في أي وقت من الأوقات، لا يخص هذا اليوم، وكم للناس من عقائد ومن أعمال محدثة في هذا اليوم، ومنهم من يجعل هذا اليوم موسماً للأفراح، موسماً للأكل والشرب، وإظهار الزينة، ويجعل هذا اليوم أو الليلة الماضية ليلة مسرات وأفراح وإظهار للزينة، وكل هذا من محدثات الأمور، العيد الذي شرعه لنا ربنا سبحانه وتعالى في السنة عيد الأضحى وعيد الفطر، وأما هذا العيد فإنه من الأعياد المحدثة التي أحدثها الجاهلون، فليتق العبد ربه سبحانه وتعالى، وهذا اليوم الذي نحن فيه هو يوم الجمعة وقد حذرنا نبينا عليه الصلاة والسلام عن افراده في الصيام، وعن إفراد ليلة الجمعة بالقيام من دون الليالي، كما جاء في مسلم(1144)من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال:"لَا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الجُمُعَةِ بقِيَامٍ مِن بَيْنِ اللَّيَالِي، وَلَا تَخُصُّوا يَومَ الجُمُعَةِ بصِيَامٍ مِن بَيْنِ الأيَّامِ، إِلَّا أَنْ يَكونَ في صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ.
فهذا مما نهى عنه نبينا عليه الصلاة والسلام، فليتق العبد ربه ولا يقع في شباك الشيطان، ولا يقع في شباك شيطانه وفي أهوائه واضلاله، وليحرص على سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام الثابتة عنه، وليبتعد عن هذه الأمور التي أحدثها الناس، وزينها الشيطان، وأشاع في أوساطهم
حتى صارت كأنها من الفرائض العظام، ومن الواجبات الكبار، وإنما هي من البدع والأهواء.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ذنوبنا، وأن يرحمنا برحمته إنه الغفور الرحيم، اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها دقها وجلها وأولها وآخرها وعلانيتها وسرها، اللهم اهدنا إلى الصراط المستقيم، واجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل، ربنا ظلمنا أنفسنا ظلما كثيرا وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لنا مغفرة من عندك وارحمنا إنك انت الغفور الرحيم، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، والحمد لله رب العالمين.